ندوب الهوي بقلم ندا حسن
المحتويات
ببيع الطماطم والبذنجان وهناك آخر يسير بعربية آيس كريم والأطفال تركض خلفه وعلى الطرف الآخر مقهى شعبي ولكنه لا يسر العين أبدا.. غير هذا المنزل المقابل لهم يا له من قديم ورديء..
كيف يعيشون هنا ويتحملون كل هذه الضجة من الأساس كيف يتحمل هو!.. وهذه زوجته من أين وجدها!.. أنه أفضل منها بكثير بمظهره الحسن ورؤيته البهية..
لن تنكر أنها أيضا تتمتع بقدر من الجمال عينيها لونها جميل مع أنه لا يظهر ووجهها به نمش خفيف لا تحبه ولكنه يليق بها حتى أنفها وفمها صغيران للغاية ووجهها أبيض مستدير وملامحه هادئة غير خصلاتها السوداء هذه تبدو طويلة من عكصتها ولكن مؤكد هي أفضل منها بكثير!.. وأيضا لو وقفت جواره تليق به أكثر منها.. حتى أن اسمها ليس جميل أبدا بل قديم وبشع وهو اسمه رائع مثلها تماما.. جاد وكاميليا يا الله تليق عليه كثيرا..
ايه يابت الحلاوة دي.. بقى مخبية كل الجمال ده علينا ولما يطلع يطلع للحارة كلها
استمعت إلى صوت هذه المرة يأتي من فوقها وكانت هذه البغيضة زوجته صاحبة الاسم البشع الذي لا يليق به
والله يا ماما فهمية ما كنت أعرف إن كل ده هيحصل.. أنا مكسوفة أوي من الناس اللي في الحارة
تغيرت ملامح والدة جاد وانتقلت إلى الجدية التامة وهي تنظر إليها بقوة قائلة
مكسوفة من ايه اللي حصل أنت مالكيش فيه يا حبيبتي دا الكلب اللي ما يتسمى ده هو اللي يتجازى بس أقولك أهو جاد يبقى ابني وأخاف عليه بس المرة دي مسعد بقى كان عايز اللي ېقتله ويخلصنا منه
لأ والنبي يا ماما فهمية اوعي تقولي كده قدام جاد دا سمير لحقه على آخر لحظة كان زمانه دلوقتي في القسم
اتكأت فهيمة بيدها على سور شرفة الشقة الخاصة بها والتي تقابل شقة جاد وهتفت بجدية قائلة محاولة أن تجعلها تطمئن
مټخافيش.. بعد اللي عمله جاد فيه مش هيستجرأ يبصلك تاني
أبصرتها بجدية وهي تتمنى داخلها أن يكن كذلك حقا
يارب يا ماما فهيمة
مرة أخرى أردفت والدته بحماس كبير وابتسامة على وجهها
بقولك ايه ما تجبيه وتيجوا تتعشوا عندنا النهاردة
تنهدت بقوة وأخرجت نفس عميق أمامها وهي تخفض وجهها إلى الأسفل بخجل ثم رفعته مرة أخرى وقالت بخفوت
تفهمت والدته سبب رفضها ونظرتها الحزينة هذه فابتسمت بحب إليها وقالت بحنان صادق
إن شاء الله كله هيبقى كويس يا حبيبتي ولو الواد ده زعلك قوليلي بس وأنا هتصرف معاه
ابتسمت هدير بسعادة غامرة وهي تنظر إليها قائلة بحب وود
ربنا يخليكي لينا
يارب
كل هذا وأكثر تحت مسامع كامليا التي كانت تجلس أمام باب الورشة أبصرت والدة جاد والمنزل مرة أخرى أهذا منزله.. وهذا أيضا والورشة. لو كذلك فهو يملك بعض الأشياء ليس كزوجها الحقېر الذي كان لا يملك جنيها واحدا ولكن مهلا ما الذي كانوا يتحدثون عنه وشاهدوه أهل الحارة بأكملها ومن هذا الذي كاد جاد أن ېقتله..
نظرت بطرف عينيها إلى نهاية الشارع وهي تفكر ولكن وقف التفكير ووقف العقل والقلب وكل خلية وعضو ينبض بداخلها..
إنه يأتي من نهاية الشارع على دراجة ڼارية خصلاته للخلف تتطاير عينيه الرمادية حادة وجادة ثابتة على الطريق وجهه مثير لعينيها بسبب وسامته التي تراها لا يوجد مثلها..
يجلس بجسده الرياضي على الدراجة كأنه يجلس على أريكة بكل
أريحية وبرود يرتدي قميص أبيض اللون قطني بنصف كم يظهر عضلات يده وعروقه الظاهرة بها دائما..
أغمضت عينيها بقوة وقررت ما الذي ستفعله بعد الآن وبعد رؤيته هذه لن تصمد أكثر من ذلك أمامه وقف أمامها بالدراجة ثم هبط من عليها وثبتها جواره ووقف هو أمامها بعد أن تركت المقعد ووقفت هي الأخرى قبالته..
ابتسم جاد بهدوء وهو ينظر إليها قائلا بود وهدوء لين
حمدالله على سلامتك
ابتسمت بوجهه ببلاهة وهي تراه يبتسم متحدثا إليها قالت بخفوت وصوت ناعم لين
الله يسلمك... بجد شكرا على اللي عملته معايا
وضع يده الاثنين جواره وأردف بجدية
لأ شكر على ايه لو حد تاني مكاني كان عمل كده وأكتر.. بس أنت خلي بالك من نفسك
ابتسمت بخفة وقالت
لأ لو حد تاني مكنش عمل كده خلينا متفقين.. بجد شكرا
العفو
حمحمت بخفوت ناظرة إلى الأرضية بخجل ربما تصنعطه نظرت إليه مرة أخرى قائلة
اللي كان معايا ده يبقى جوزي مش حد تاني
استغرب بشدة الذي تفوهت به كيف زوجها وتركها وحدها هكذا في مكان بعيد طريقة مقطوع عن البشر تسائل باستنكار
جوزك.. جوزك إزاي وسابك كده
اصطنعت الحزن وعبثت ملامح وجهها وهي تقول مكملة بخجل
لأ دي حكاية طويلة.. تحتاج قعدة
بينما في الأعلى كانت زوجته مازالت واقفة كما هي ولم تكن ترى كاميليا بالأسفل أثناء حديثها مع والدته بل اعتقدت أنها ذهبت منذ أن هبطت للأسفل ولكن من الواضح أنها لم تذهب بل انتظرت عودته وهو الآن يقف معها ويتحدث بكل راحة...
أطالت النظر إليهم وهو أطال الحديث معها وإلى الآن لم ترحل أكل هذا تشكره!.. قلبها لا يكن الراحة إليها أبدا ولا تدري حتى لماذا!. لماذا تشعر بأن هذه المرأة سيئة للغاية هكذا.
الساعة تخطت الحادية عشر مساء وهو لم يصعد بل أغلق الورشة من بعد صلاة العشاء بوقت قصير كالعادة لم يفطر معها بل خرج دون رؤيتها في الصباح ولم يصعد لتناول الغداء والآن الورشة مغلقة وهو لم يأتي أهو يسعد عندما تشعر بالقلق عليه أم ماذا..
حاولت أن تحادثه ولكنه لا يجيب عليها هل سيظل هكذا طوال الوقت أم ماذا..
هي لقد تخطت الأمر في وقت قصير للغاية نعم لن تكذب لم تتخطاه كليا بعد بل وتشعر بالخجل الشديد من أهل الحارة ولكن تصبر نفسها بأن المچرم الحقيقي عرفه الجميع وأظهر لهم جاد أنها ليس لها يد فيما حدث..
ماذا عنه أيضا لا تفهم كيف يستطيع أن يكون شخصيته بهذه الطريقة هادئ طوال الوقت ولكن عندما يغضب وكأن الأسد ملك الغابة حل عليهم بغضبه وعندما ينزعج منها يأخذ جانب له وحده بعيد عنها ويتركها تتأكل بما داخلها وخارجها..
ماذا تفعل لقد كان خطأ واعترفت به ستحاول مادام هي المخطئ هنا ولكن عليه أن يكون لين أكثر من هكذا..
زفرت بضيق وهي تقلب بين القنوات على الشاشة وعقلها من الأساس ليس على ما تبصره بل كان مع ذلك الغبي الذي ارهقها معه..
تذكرت حديثه مع هذه المرأة الغريبة عنهم لم تكن تعرفها إلا سوى بالتلفاز وحتى أنها لا تشاهدها ولكن على الأقل تعرفت عليها عندما رأتها.. لم تفهم لماذا وقفت تتحدث معه كل هذا الوقت لقد بقيت معه أكثر من نصف ساعة وفي النهاية أوصلها إلى السيارة ثم أخذتها ورحلت..
مرة أخرى تنهدت بقوة في نفس عميق
تخرجه من داخلها وهي تنظر إلى الباب وكأنه يفتحه الآن.. وقد كان حقا!..
فتح الباب وظهر من خلفه وهو يدلف إلى الداخل
متابعة القراءة