ندوب الهوي بقلم ندا حسن
المحتويات
الأبواب حتى تشعر بها وبحب عمرها وهذا طلب صغير بالنسبة لما تشعر به الآن..
هبطت الدرج والدموع تخرج من عينيها فرحة متمتمة داخلها بالحمد والشكر إلى الله معتقدة أن هذه الإشارة التي طلبتها في دعائها..
بينما جاد بقي على السطح ينظر في أثرها بعد أن رحلت عنه ويفكر فيما فعله هل توقعت أنه يتحدث عن نفسه أم أنه مجرد سؤال. يا الله عقله سينفجر لقد أوقع نفسه في مأزق بسبب سؤاله هذا وسيكون أول توضيح يصدر منه تجاهها والمذنب الوحيد هو لأنه لا يدري ما الذي سيحدث في الأيام القادمة..
فإن
كانت فهمت ما رمى إليه فسيتحمل الذنب لأنه جعل فتاة تتعلق به وهو الذي ترك زمام الأمور إلى والده يفعل ما يشاء وهو يرضى..
جلس جاد على المقعد الخشبي عكسيا جوار باب الورشة مع ابن عمه سمير كان يتحدث معه عما يفعله به والده هذه الأيام وعن ذلك القرار السريع الذي اتخذه دون موافقة جاد التامة..
صاح جاد بصوت عال ليجذب انتباه المارة وهو يتحدث مع عامل المقهى الشعبي
عيسى.. اتنين شاي مظبوط في السريع
أردف سمير بخبث يعبث معه ويثير حنقه وهو ينظر إلى نافذة بيت الهابط الخاصة بغرفة هدير
وايه المشكلة يا جاد لما يجبلك عروسة على مزاجه مهو في الأول ولا في الآخر أبوك وعايز يعملك اللي متعملش لحد قبل كده
نظر إليه بحدة وكأنه يود أن يضع يديه الاثنين حول عنقه ولا يتركه إلا وهو چثة هامدة لأنه يعلم أنه يثير حنقه ويستفزه
ارتفع صوت ضحكات سمير بعد نظرة جاد الحادة الصارمة وحديثه إليه وقد وصل إلى ما كان يريده هو أن يجعله يثور ويغضب..
مد يده كما فعل الآخر وأخذ الشاي من على الصينية التي كان يقدمها إليه عيسى عامل المقهى الشعبي..
ارتشف منه بهدوء دون حديث ثم بعد لحظات أردف قائلا بجدية وعقلانية في الحديث
بس صراحة اللي أنت عملته غلط مكنش ينفع تقولها كده
وضع كوب الشاي على الأرضية جوارهم بين المقعدين ونظر إليه قائلا بضيق وانزعاج
الله يرضى عليك يا عم سمير بلاش تعذيني في نفسي.. أنا عارف إني غلطان بس أهو اللي حصل
في الأول ولا في الآخر أنا راضي باللي ربنا كاتبه ومحدش يعرف يمكن على آخر لحظة تبقى ليا
ابتسم سمير بهدوء ناظرا إليه متحدثا بنبرة رجولية هادئة وسعادة داخله
ياما نفسي أبقى زيك كده
ابتسم جاد وهو يوزع نظرة على المارة بالحارة وتحدث قائلا بنبرة رجولية جادة وحنونه في ذات الوقت
يوم ما تبقى رايد حاجه من قلبك وعارف إن ربنا بس اللي يقدر يحققها هتبقى كده يوم ما تقرب من ربنا علشان تبقى أحسن ويبقى عندك إيمان وصبر هتبقى كده يا عم سمير
مر من أمامهم رجل في عمر الثلاثون تحدث بصوت عال وهو يمر مشيرا بيده بحركة تحية
رد عليه الاثنين السلام بابتسامة عريضة وأردف جاد قائلا بترحاب وهو يشير إليه
اتفضل يا باشا.. اتفضل يا عم محروس
أجابه الآخر وهو يضع يده على صدره من الأمام مربتا عليه بينما يسير مكملا سيره بابتسامة ودودة
يزيد فضلك يسطا جاد
ترك سمير كوب الشاي من يده بعد أن وقف على قدميه ووضعه على المقعد مكان جلوسه وهتف بسخرية وتهكم قائلا
أنا ماشي يا عم اروح أشوف شغلي بدل ما أقعد اولول جنبك على حبيبة القلب
رفع جاد نظرة إليه على حين غرة بحدة جدية هذه المرة وكأنه يرفض أن تأتي بخلد أحد غيره
ما تحترم نفسك يلا
ولا تحترم ولا أحترم أنا ماشي سلام
أردف جاد بضيق وانزعاج قائلا بسخرية وهو يرفع الكوب إلى فمه
في داهية
أتت رحمة بعد صلاة المغرب إلى منزل هدير لتخبرها ما وصل إلى مسامعها من والدتها كانت تفكر بأن تخبرها عبر الهاتف ولكنها عادت مرة أخرى
عن ذلك قائلة بأنها يجب أن تتواجد معها..
نظرت إليها هدير بقلق وريبة فهي منذ أن أتت تتحدث بمواضيع شتى ليس لها علاقة بهم وتوترها يظهر عليها بوضوح وهي تعلم أنها لا تكون في هذه الحالة إلا عندما تكون تخفي شيء سيء..
أردفت متسائلة بقلق بالغ وهي تنظر إليها بجدية شديدة
أنت مش على بعضك وحاسه إنك مخبيه عني حاجه في ايه يا رحمة..
ابتلعت رحمة ما وقف بحلقها ونظرت إليها بحزن شديد وهي تعلم أن هذا الخبر لن يكن هين على صديقتها التي احتفظت بحبها داخل قلبها لعله يرزق بمن أحب..
بصراحة كده فيه
نظرت إليها بتمعن منتظرة منها أن تكمل حديثها وتخبرها بما حدث وقفت رحمة على قدميها ثم اولتها ظهرها متحدثة بقلق وتردد
جاد.. جاد هيخطب بنت عم مروان البرنس
ايه!. أنت بتقولي ايه وعرفتي منين الكلام ده... أكيد كدب يا رحمة ما أنا قولتلك اللي قالهولي امبارح
كانت هذه كلماتها الحادة بعد أنه وقفت على قدميها هي الأخرى بعد استماع كلمات صديقتها عنه وعن أخرى غيرها وهو الذي بالأمس تحدث عنه وعنها! وأضاف إليها آمل لم يكن موجود من الأساس وهو من زرعه يود محوه بهذه السهولة..
استدارت رحمة إليها قائلة بجدية مضيقة ما بين حاجبيها
أنا دايما كنت بدعيلك لو شړ ربنا يبعده عنك ولو خير يقربه وأهو بعد يا هدير يبقى شړ.. احمدي ربنا
وزعت نظرها عليها پصدمة وذهول تام لا تستطيع الرد على حديثها الآن وعقلها يفكر بكيف ذلك وهو ألقى عليها كلمات يعلم أثرها جيدا!..
بس أنا كمان طلبت من ربنا إشارة
أعرف بيها إذا كان بيحبني ولا لأ وهو اكدلي ده امبارح وبعدين ممكن يكون خبر كدب أنت عرفتي منين
أجابتها رحمة قائلة بحزن وضيق وهي تضع يدها على ذراعها مربتة عليه بدعم
أمه يا هدير هي اللي قالت لماما النهاردة أن الحج رشوان أتكلم معاه امبارح وهيتجوز قريب واتفق معاه أنه يخطبله بنت عم مروان البرنس وأنا أول ما عرفت جيت أقولك علشان متتعبيش نفسك كفاية لحد كده
جلست هدير على الأريكة خلفها بعد أن فرت دمعة وحيدة من عينها قائلة بحزن شديد يظهر على صوتها وملامح وجهها وكل شيء بها
طب وكلام امبارح يا رحمة.. وتصرفاته معايا كل ده ايه
ذهبت صديقتها إليها محتضنه إياها بشدة تربت على ظهرها قائلة بحزن هي الأخرى
هو مش غلطان يا هدير.. هو معشمكيش بحاجة احمدي ربنا أنها جت على قد كده.. استغفري ربك كتير وركزي على مستقبلك وسيبيه هو كمان يشوف مستقبله
أبتعدت عنها ثم نظرت إلى داخل عينيها محذرة إياها من شيء أتى بخاطرها
هدير اوعي...
قاطعتها الأخرى بحدة وجدية شديدة قائلة وهي تمسح أسفل عينيها الدامعة وها قد ظهرت مرة أخرى شراستها
أنا عمري ما أعمل كده يا رحمة عمري ما أرخص نفسي بالطريقة دي لو هو آخر راجل على الأرض أنا اللي عايزني يجيلي لحد عندي ويطلبني ويقول إنه بيحبني مش أنا اللي اروحله أبدا
بعد وقت لم يكن قصير ذهبت صديقتها وتركتها وحدها بعد تقديم بعض النصائح لها لكي تبتعد عنه وتتخطاه وتنظر
متابعة القراءة