ندوب الهوي بقلم ندا حسن
المحتويات
صغير مكون من طابقين فقط في الشارع الخلفي لشارعهم في الحارة هذا بعد أن تعب كثيرا وحافظ على المال الذي كان يجنيه بالحلال وقد بارك الله له فيه وجعله يكفي ليبتاع منزل كهذا ومهما كان صغير فسيكون له ثمن غالي..
انتقل بأثاث والدته كله من الشقة التي في البيت الآخر وقاموا بفرش الدور الأرضي لها وبقي معها بعض الأشهر القليلة ثم قام بخطبة فتاة من حارة أخرى كانت بالنسبة له مناسبة للغاية فهي من عائلة بسيطة مثله جميلة إلى حد كبير ورقيقة وتعرف بأخلاقها واحترامها وقد عرف هو الآخر باحترامه وأخلاقه في الفترة الأخيرة التي وجدوه الناس بها شخص آخر غير الذي يعرفونه..
سمير خمسة وجاي يا ماما
أردفت الأخرى من الداخل تجيبها بصوت عالي لتستمتع إليها في الخارج
طيب يا مريم إحنا خلصنا أهو
استدارت تنظر إلى ابنتها الكبرى التي كانت تساعدها في المطبخ منذ أن أتت وقالت بجدية مقترحة
ما تروحي تكلمي جوزك أنت كمان يا هدير خليه يجي
وضعت الصينية الساخنة التي أخرجتها من
الفرن سريعا على رخامة المطبخ وقالت
يا ماما جاد مش هيتأخر دي خطوة
مرة أخرى هتفت والدتها تصر على حديثها بأن تتحدث مع زوجها لكي يأتي
ابتعدت عنها للخلف ثم أجابتها بهدوء لكي تهدأ وتصمت قليلا حتى ينتهوا من الطعام
حاضر بس نخلص وأكلمه يا ماما
خرجت زوجة جمال من المطبخ والتي تدعى حنان وصاحت وهي على أعتاب الباب بقوة تسأل آدم الذي كان يجلس على أعتاب باب غرفة أخرى في الشقة ويقع تحت أنظارها
آدم سيليا معاك
وقف آدم على قدميه وأتى ناحيتها قائلا بنبرة طفولية هادئة مشيرا
إلى الغرفة الذي كان يجلس بها
أيوه يا طنط حنان هناك أهي بتلعب مع عشق
انخفضت للأسفل قليلا بجسدها مقتربة منه وقالت بحنان وحب وهي تفهمه أن الفتاة صغيرة وتريد اهتمام ليس كمثلهم
بالك منها علشان هي لسه صغنونه ومتعرفش حاجه
أجاب وهو ينظر إليها بعمق معتقدا أنه يتفهم حديثها
آه ماهي زي غرام
نفت حديثه وهي توضح له أكثر قائلة بجدية
لأ غرام أكبر منها.. إنما سيليا لسه صغيرة أوي
نظر الآخر إلى الغرفة الذي كان بها معهم هم الثلاثة ورأى عشق تجلس مع سيليا ابنة خاله جمال فهتف وهو يتجه إليهم بنبرة رجل واثق
ماشي أنا هروح ألعب معاهم مټخافيش وهخلي بالي منهم كلهم
ابتسمت إليه قائلة بحب وهي تقف على قدميها مرة أخرى
شاطر يا آدم
أردفت مريم ناظرة إلى زوجة أخيها تتسائل عنه بعدما تركهم وذهب
اومال جمال خرج راح فين يا حنان مش هو اللي عازمنا الله.. بقى يعزمنا ويمشي ويسبنا
لأ ممشيش ده طلع فوق قالي هجيب حاجه وأنزل
أردفت هدير من الداخل بقوة وصوت عالي لتستمتع إليها زوجة أخيها في الخارج وهي تقول بجدية
طب إحنا خلصنا أهو اطلعي شوفيه كده علشان هكلم جاد يجي وسمير على وصول
أومأت إليها الأخرى وأردفت بتأكيد على حديثها ثم ذهبت تسير إلى باب الشقة وخرجت منه متجه إلى الأعلى
حاضر
خرجت هدير من المطبخ وأخذت هاتفها من جوار مريم ثم فتحته وقامت بالاتصال بزوجها لكي تستعجله بالوصول إليهم
ألو أيوه يا جاد.. ما تيجي يلا
أغلقت الهاتف بعد أن أكد عليها أنه قادم ثم دلفت إلى المطبخ وهي تصيح إلى والدتها بقوة
يلا يا ماما جاد جاي أهو
لحظة فقط ودق الباب مرة أخرى لتفتح مريم ودلف شقيقها وخلفه زوجته دلفت زوجته إلى المطبخ بعد أن رميت السلام على سمير مطمئنة على أحواله وتقدم هو إليه يعانقه بقوة يسلم عليه بحرارة..
أتى جاد هو الآخر بعد لحظات ففتح له جمال يسلم عليه بحرارة هو الآخر دلف إلى داخل غرفة أخرى صغيرة للضيوف غير الصالة ثم لحظات بينهم في الحديث ووقف على قدميه يود الذهاب إلى المرحاض لغسل يديه..
مر على المطبخ ناظرا داخله بطرف عينيه لم يرى إلا هي بالداخل وتقف بعباءة ضيقة للغاية قديمة لا تناسبها وخصلات شعرها ترفعها بدبوس كبير وليس عليها حجاب..
دلف إليها المطبخ وأردف من خلف ظهرها بقوة وجدية شديدة مستغرب من مظهرها هذا
ايه اللي أنت عملاه ده
استمعت إلى صوته خلفها فاستدارت سريعا تنظر إليه ولم تفهم ما الذي يتحدث عنه فأشار لها برأسها وعينيه على مظهرها قالت سريعا تنفي ما توصل إليه عقله مردفة بلهفة
مخرجتش بره والله وسمير جوا ولا حتى عديت من قدام المطبخ أنا زي ما أنا هنا وجايبه عباية تانية معايا
تقدم للداخل قليلا وأردف قائلا بنبرة خشنة وهو يقف أمامها بعينين رمادية حادة
ولما أنت معاكي غيرها لابسه دي ليه
أردفت بصدق وجدية
من ساعة ما جيت يا جاد وأنا بساعدهم في المطبخ فقولت ألبس دي علشان مفيش حد هنا
أومأ إليها برأسه قائلا
ماشي روحي بقى غيري هدومك دي والبسي طرحة
حاضر
ذهب إلى الخارج مرة أخرى يتوجه للمرحاض كما كان ذاهب من البداية بعد أن ألقى تعليماته على زوجته المصون..
دلفت والدتها وزوجة أخيها إلى المطبخ ليقوموا بوضع الطعام لتناوله ولكنها أردفت قائلة وهي تتجه نحو باب المطبخ لتخرج منه وتفعل ما قاله لها زوجها
ماما أنا هدخل البس عبايتي وانتوا حطوا ليهم الأول وإحنا ناكل بره
طيب ماشي
بعد أن تناولوا الطعام وجلسوا سويا بعض الوقت في هدوء وراحة لم تكن معتادة سابقا ولكنها قد حدثت بفضل الله
بعد أن ألهم شقيقهم على طريق النور والخير الذي يأخذ منه كل ما هو حلال
بقدر كافي له.. ذهب جاد إلى عمله مرة أخرى وكذلك سمير وتركوا زوجاتهم في بيت شقيقهم يجلسون سويا بعض الوقت الأكثر من هذا يخلدون لحظات جميلة داخل ذاكرتهم غير تلك المليئة بالألم..
أردف جمال بصوت عالي وهو في صالة المنزل يهتف بإسم شقيقته هدير مناديا إياها خرجت إليه فأخذها ودلف إلى إحدى الغرف وأغلق الباب من خلفه..
نظرت إليه بعمق واستغراب ترى ما الذي يفعله وجدته يخرج من جيبه قطعة قماش صغيرة وتقريبا داخلها شيء قدمها إليها وهو بقى أمامها قائلا بنبرة جادة
خدي دول حقك وحاجتك
أبصرت قطعة القماش ثم رفعت بصرها عليه وتسائلت باستغراب
ايه دول
تنهد بهدوء أخفض وجهه إلى الأرضية بخجل ثم رفعه إليها مرة أخرى قائلا بصوت خاڤت خجل مما فعله
الغوايش اللي اخدتها منك.. عارف إني اتأخرت عليكي بس أنت كنتي شايفة الظروف
وضعت كف يدها على يده المقدمة إليها وعادت بها للخلف وهي تقول باستنكار ورفض تام
أنت اټجننت ولا ايه أنا مش هاخد الغوايش دي
لم يكن هو على استعداد أن تجعله يأخذهم مرة أخرى فهذا حقها ومالها ومال زوجها وهو من اغتلسه منها بالسړقة وعليه أن يعود به إلى أصحابه
عليا الطلاق لازم تاخديهم
صدح صوتها بحدة بعد أن استمعت يمينه الذي انهته عنه سابقا كثيرا
قولتلك مليون مرة بلاش تحلف على حاجه بالطلاق أنت مش بتتعلم
أجابها بهدوء وجدية ثم أكمل بخجل وهو يمد
يده إليها مرة أخرى مردفا
ياستي معلش.. خدي بقى الغوايش بتاعتك مش كفاية إني صغرت قدام جوزك
ابتسمت بسخرية جلية مستنكرة
متابعة القراءة