ندوب الهوي بقلم ندا حسن

موقع أيام نيوز

ندوب الهوى
الفصل الأول
نداحسن 
تهوى الروح شخصا حلمت به ليالي طويلة
خرج من منزله في الطابق الأول علوي ثم هبط الدرج بهدوء وبطء قصد أن يفعله لعله يرى شخص لم يراه منذ يومين وكل تفكيره يصب نحوه فقط والذي ازداد بعدما وقع على عاتقه شيء لن يستطيع أن يتحمله بعد ما حدث بينه وبين والده من نقاش خرج منه هو الوحيد الخاسر..
مر من أمام باب شقة في الطابق الأرضي بعد أن زفر بحنق لعدم تحقيق ما تمنى وكأنه كان يعلم أن ذلك سيحدث وقد خلف الوعد معه..
ولحسن حظه بينما يمر بهدوء تفاجئ بصوت قوي ميزه بأنه صوت باب! ثم شعر بشيء يرتضم بظهره وبعدها استمع إلى أشياء أخرى اصطدمت بالأرضية!..

أعتقد أنها مريم الابنة الصغرى لهذا المنزل ربما تكن متأخرة على إحدى محاضراتها كالعادة فهو دائما يراها تهرول سريعا إلى أصدقائها بعد تأخرها عليهم يا لها من كسولة..
استدار بجسده ينظر إليها ليجدها هي! ليست مريم بل الشقيقة الكبرى لها هدير التي كان يتمنى رؤيتها منذ قليل فقط!..
استدارت إليه بعد أن أغلقت باب الشقة بهرجلة ونظرت إليه نظرة معتذرة دون حديث وهي تهبط إلى الأرضية لتلملم كتبها الذي وقعت على الأرضية هبط معها سريعا هو الآخر ليساعدها في جمعهم ولكنه في الحقيقة كان يريد أن ينظر إليها وإلى تفاصيل وجهها وملامحه الذي غابت عنه يومين..
رفعت عينيها عسلية اللون إليه وهي تنظر إلى وجهه وودت لو نظرت كثيرا لتحفظ معالمه داخلها هتفت قائلة باعتذار وخجل
أنا آسفة والله يا بشمهندس جاد كنت خارجة بضهري مشوفتكش
ثم وقفت على قدميها فوقف معها هو الآخر وزع نظره عليها من الأعلى إلى الأسفل إنها حورية! جميلة برغم البساطة التي تحلت بها ترتدي فستان أرضيته لونها أزرق منقوش عليها باللون الأبيض مغلق بالكامل وأكمامه تصل إلى بداية كف يدها يحمل على خصرها حزام أبيض اللون ويصل طوله إلى الأرضية بينما يزين وجهها الأبيض المستدير ذلك الحجاب الأبيض الذي يجعلها تبدو كالحورية التي تهبط من الجنة..
لا تضع أي مستحضرات تجميل على ملامح وجهها دائما يراها بكامل أناقتها ومع ذلك مثلما هي على طبيعتها عينيها بلونها العسلي تسحره دائما بنظرتها إليه كما الآن تماما وذلك النمش البسيط الذي يزيدها جمالا فوق جمالها..
شعر أنه أطال النظر إليها أخذ يتمتم بالاستغفار داخله عدة مرات وبأن يرحمه ربه ويسامحه أنه يفعل الآن الخطأ ليس الصواب..
تحدث قائلا بجدية وهو يحاول أبعاد نظرة عنها بعد أن قدم لها الكتب لتأخذها بهدوء
آسفة على ايه محصلش حاجه
هل كان ينظر إليها بهذه الطريقة.. أنه منذ فترة ليس جاد الذي تعرفه هل يريد أن يقول لها شيء أو يريد أن يوضح لها شيء بهذه النظرات.. سريعا عادت ونفضت هذه الأفكار السخيفة من رأسها فهي في هذه الفترة أصبحت تتوهم كثيرا باشياء لم تحدث بعد وربما لن تحدث أبدا..
وجدته عاد بنظره إليها مرة أخرى فنظرت إليه تحاول أن تعرف ما هي هذه النظرة وإلى ماذا تشير. ولكن وجدت نفسها تتوه داخله تبحر داخل تفاصيله خصلاته السوداء اللامعة الممزوجة بالبنية التي اكتسبت طولا هذه الفترة عينيه الرمادية ذات اللمعة الغريبة أنفه الحاد الشامخ وشفتيه الرفيعة التي يهبط عليها ذلك الشارب يخفي جزءا منها وتحيط تلك اللحية ذقنه بينما برزت تفاحة آدم بعنقه..
أنه جاد الله أبو الدهب كيف سيكون غير ذلك الرجل الوسيم الذي يقف أمامها كيف سيكون غير ذلك الرجل المعروف بأخلاقه واحترامه لكل شخص بتلك الحارة..
تنهدت بصوت مسموع وقد أطالت بوقفتها معه هنا وهي تعلم أن ذلك لا يجوز أبدا غير أنها من الأساس متأخرة انتشلها من أفكارها به هاتفها الذي بين يدها خرج صوته عاليا آتي بمكالمة من صديقتها فوضعته على وضع الصامت ونظرت إلى ذلك القابع أمامها قائلة بتوتر وخجل من ذلك الموقف الذي وضعت نفسها به
عن اذنك لازم أمشي
ثم خرجت سريعا ولم تعطي إليه الفرصة للرد من الأساس لتذهب إلى كليتها حيث أنها كانت تدرس بالسنة الأخيرة بكلية الزراعة تركته يقف بداخل ردهة المنزل يفكر بها وبحديثها حركاتها التلقائية ونظراتها العفوية التي تأتي من عينيها عسلية اللون الساحرة يفكر
بكل شيء يخصها وهناك مع ذلك التفكير دقة قلب عڼيفة خائڤة من القادم..
هو الآخر خرج من المنزل والذي كان ملك لوالده وعمه مكون من طابقين علوي هو ووالده ووالدته بالأول وعمه بالثاني مع عائلته وفي الطابق الأرضي منزل هدير وعائلتها..
خرج متوجها إلى المنزل المقابل والذي كان ملك لهم أيضا الطابق الأرضي به ورشة ميكانيكا سيارات ملك له بينما الطابقين الآخرين كانت شقة منهم له ليتزوج بها والأخرى إلى ابن عمه وشقيقه سمير..
تقدم إلى الورشة ووجد بها الشباب الذين يعملون معه بها تحت إشرافه المهندس جاد الله أبو الدهب 
بمنتصف اليوم
جلست مريم في غرفة شقيقتها هدير على الأريكة تحت النافذة التي تنظر منها على الشارع
بأكملة يمين ويسار وبالأخص البيت المقابل لهم وورشة جاد أبو الدهب فتاة غاية في الجمال مثل شقيقتها وأكثر وجهها أبيض مستدير لا يحمل أي شيء من أدوات التجميل بل دائما على طبيعته شفتيها صغيره وأنفها كذلك وجميع ملامح وجهها غير عينيها العسلية الصافية مثل شقيقتها تماما جلست تفكر بشخص أحبته كثيرا ولا ينظر لها يوما ربما لا يدري بوجودها من الأساس تنظر له من بعيد الأفق وتحلم بأن يكون ذلك الزوج الصالح لها صغيرة على أن تفكر بهذه الأشياء ولكن قلبها لم يعد يعرف ذلك من وسط الجموع أحبه هو وهو لا يبالي بها ربما لو عرف بمكنون قلبها سيبالي ولكنه لا يعرف..
وضعت يدها على ايطار النافذة ثم اراحت رأسها عليها وهي تنظر على المارة بحارتهم وتفكر به وتسترجع ملامحه الخلابة بذاكرتها كلماته الجافة وطريقته الصلبة في الحارة حركاته الرجولية وسيرة الفريد بالنسبة لها لا يوجد مثله أبدا وتلك السېجارة التي يمسكها دائما وفي جميع الأوقات من خلف النافذة ترى ابن عمه يأخذها منه ويدعسها موبخا إياه حتى أنه في الفترة الأخيرة لم تراه يستنشق منها أمامه..
تدعي دائما في كل صلاة أن يجعله الله من نصيبها وتدعي أن يحقق الله لها دعائها وأمنياتها التي تحمله داخل طياتها من الممكن أن يكون يكبرها بكثير ولكنها تحبه وتريده هو فقط..
بينما تمرر نظرها في الشارع وجدته يتقدم من الورشة بابتسامة خلابة ورائعة وقف يتحدث مع ابن عمه يشير بيده يمين ويسار وكأنه يتحدث بأمر هام وزعت نظرها عليه من الأسفل إلى الأعلى تملي عينيها به لتذكره في كل وقت ولتراه وتميزه من بين الجميع..
قلبها يخفق بشدة وهي تراه يبتسم هكذا وتفكيرها يتناسى كل شيء إلا هو!
رفعت نظرها إلى بداية الشارع من بعيد فوجدت شقيقها يتقدم ناحية المنزل وضعت يدها على رأسها تجذب الحجاب وتحكم إغلاقه وقد كان مغلق حقا ولكن خۏفها منه يجعلها متوترة دائما ثم جذبت أبواب النافذة لتغلقها ودلفت إلى الداخل والابتسامة على شفتيها قد رسمت لأنها رأته..
خرجت من الغرفة إلى صالة
تم نسخ الرابط