ندوب الهوي بقلم ندا حسن
المحتويات
الذي حدث في لحظات بينهم لكي يمحي كل هذه الفرحة التي حصلت عليها اعتقادا منها أن كل حزن مر ولن يكن هناك غيره بالأخص بعد القبض على مسعد الذي كان يعكر صفوهم..
دق الباب ووقف للحظات شامخا ثم فتح إليه سمير يبتسم بمرح كعادته قائلا بسخرية
أنت نسيت أننا هنا علشانك ولا ايه كل ده بتغير
غمزه في آخر جملة هتف بها فنظر إليه جاد بقوة ولم تتحرك تعابير وجهه متقدما للداخل وهو يقول ببرود
معلش ريحت شوية
استغربه سمير واستغرب إجابته الغريبة الباردة حرك عينيه ورأسه عليه وهو يراه يدلف إلى الداخل ثم نظر إلى زوجته التي دلفت من بعده متوجهه إلى المطبخ حرك شفتيه باستغراب ثم أغلق الباب ودلف هو الآخر..
وعمه في صالة المنزل وتقدم من والده الذي كان الأقرب له ينحني بجذعه أخذا كف يده رافعة إلى شفتيه يقبله برضاء وهدوء ووجه مبتسم بلا تعابير تدل
على فرحته وقف والده على قدميه وجذبه إليه يعانقه بقوة شاعرا أن روحه قد عادت إليه من جديد بعد عودة ابنه إلى موطنه ومكانه الوحيد الذي يشعر فيه بالأمان..
أردف رشوان بابتسامة وهو يعود للخلف مربتا على كتفه بسعادة كبيرة
حمدالله على السلامة يا بشمهندس
الله يسلمك يا حج
حمدالله على سلامتك يسطا جاد.. البيت من غيرك مش بيت عيلة والله يابني
البيت بيت عيلة طول ما انتوا فيه يا
عمي
ربت عمه على ذراعه بحنان مبتسما إليه مشيرا بيده لكي يجلس معه إلى حين تحضير الطعام فجلس جاد مقابلا لهم على الأريكة ودلف سمير هو الآخر يجلس بجواره بعدما عاد من عند زوجته التي كان يعبث معها في الداخل..
بعد قليل من الوقت دلف الجميع إلى سفرة الطعام التي كانت ممتلئة بكثير من خيرات الله وكل ما لذ وطاب موجود عليها وليمة كبيرة وكثير من الأصناف محضرة لعودة الابن الكبير إلى بيته سالما معافى..
أردف سمير بمرح قائلا
أبسط يا عم كل الأكل ده معمول علشانك
هبسط أكتر من كده أروح فين
اردفت والدة سمير بحنان كوالدته بالضبط فرحة لعودته التي لم تطول بهم
الحمد لله أنك رجعت بالسلامة يابني
أكملت والدته من خلفها قبل أن يجيب حتى مردفة بقوة وضيق لأجل ما كان يفعله البغيض الآخر
الحمد لله رجع وخدوا المخفي التاني ده.. والله أنا ما فرحانه في ده كله غير علشان خدوه من هنا جاته الهم
مرة أخرى تجيبها سعيدة بيقين وهي تحرك فمها قائلة
شيطانه اللي وزه يا أم جاد علشان يتمسك ويختفي بشره من هنا
على قولك شيطانه بصحيح
لما يذكرونه الآن جلسه عائلية من المفترض أن تكون سعيدة عادت عليها بحزن وهذا واضح وبشدة ولكن لما يزيد الحزن أكثر من هذا ألا يكفي ألا يكفي ليجعلوها تتذكر ذلك الحقېر الندل الذي جعلها ترى أبشع الأشياء على يده..
قوليلي عامله ايه يا مريم في الحمل.. كويسه يا حبيبتي
رفعت مريم بصرها إليها من على الطعام قائلة
الحمدلله بخير
الجميع يأكل بصمت وهم الاثنين استلموا هذه الأحاديث ولن يصمتوا الآن زفرت هدير بهدوء وهي تستمع إلى زوجة عمه تهتف بحيرة تتسائل
بس مش عارفة بقى يا أم جاد هتروح الكلية إزاي
أردفت مريم بعد أن تركت الملعقة من يدها ونظرت إليها بجدية قائلة ما قررت فعله هي وزوجها معا
لأ ما أنا اتفقت مع سمير إني هأجل السنة دي
ابتسمت والدته بهذا القرار فهي كانت تريد لها الراحة حتى تلد بسلام ولا يسير التعب بجسدها
والله زينة العقل يابنتي كويس علشان متجهديش نفسك
استمع جاد إلى والدته تقول بتمني موجهه حديثها إلى زوجته
عقبالك يا هدير يا حبيبتي
ترك هو الآخر الملعقة من يده ونظر إليها بجدية شديدة ثم عاد ينظر إلى والدته من بعدها قائلا بتساؤل ساخرا
ايه هو انتوا متعرفوش
أكمل تلك السخرية التي استغربها البعض وهي الوحيدة التي تعرف سببها ناظرا إليهم واحد تلو الآخر
معلش أنا ناسي إني لسه عارف أنا كمان... هدير حامل
قال آخر كلمتين ببرود تام وملامحه حادة لا تظهر الفرحة بل كانت جامدة جامدة بشكل لا يوصف ولم يعبر عن فرحته ك يوم معرفة خبر حمل زوجة أخيه..
هتفت والدته بحماس وعينيها متسعة پصدمة تريد التأكيد على هذا الحديث
بجد والنبي صحيح حامل!
حرك رأسه بخفة يبتسم بسخرية
وأنا هكدب يعني يا أم جاد
صاحت بقوة وهي تقف على قدميها تلتف حول الطاولة لتصل إليه وإلى زوجته
يا ألف نهار أبيض دا يوم المنى يا أخواتي
أقتربت منها وهي جالسة ومنعتها من الوقوف تقبلها من وجنتيها الاثنين ووجهها ينطق بالفرحة العارمة والسعادة الأكبر بحياتها توجهت إلى ابنها هو الآخر والذي وقف لأجل والدته تعانقه بحرارة مبتسمة تهنئه بذلك الخبر..
أردف والده بابتسامة وقلبه يرقص فرحا لأجل ابنه ولأجل نفسه ولكنه مازال على الثبات
ابتسم الجميع والقوا عليه المباركة والتهنئة هو
وزوجته بابتسامات فرحة سعيدة تظهر عليهم من أول صغيرهم إلى كبيرهم ولكن هذه الفرحة لم تكن على وجه جاد وزوجته بل كانت ابتسامه مصطنعة تظهر فقط عند النظر لوجه أحد منهم..
نظرت مريم إلى شقيقتها التي اخفضت وجهها على سفرة الطعام وكم يظهر عليها الحزن الهدوء الغريب ونظراتها غير المعتادة وقد تغيرت مئة وثمانون درجة حقا لم تكن هكذا فهي كادت أن ترقص من فرط السعادة..
حقا تستغرب أكثر شيء أنها لم تكن قالت ل جاد كيف فعلت هذا لما لم تقول له أنها حامل بطفل منه وهي تعرف أنه ېموت ليسمع شيء كهذا!..
رفع بصره عليها ليراها تقلب في الطعام بالملعقة ووجها شاحب وحزين هذا ليس بيده بل هي
من فعلت كل ذلك وهو من عليه الحزن والإبتعاد ليست هي بالمرة..
وفي نفس الوقت يصعب عليه تكملة مشوار البعد هذا الذي ارهقه وقطع ما داخله إلى أشلاء لقد كان مقرر القرب إلى درجة لا توصف كيف حدث كل هذا!..
في المساء
كانت انتهت جلسة العائلة الطويلة المليئة بالمرح والسعادة والإجابات العفوية النقية من الجميع ما عدا اثنين نعرفهم جيدا تلقى هو وزوجته المباركات والجميع فرح بقدر لا يوصف لأجله ولأجل قدوم طفل آخر على العائلة يأتي إليهم بالبهجة والرزق والسعادة.. طفلين معا في طريقهم إلى عائلة أبو الدهب! هذا كرم
كبير من الله ورزق لا يقدر بثمن أبدا..
عادوا من منزل والده وتوجه إلى التلفاز منذ أن أتى لا يتحدث معها ولا يقوم بأي شيء يدل على أن معه أحد في المنزل من الأساس وقف مرة وتقدم يفعل كوب شاي إلى نفسه دون حديث يفعلها دائما تعرف ولكن هو الآن غير مرة أخرى يتقدم ليأتي بالماء ووضعه جواره..
مرة يرفع الهاتف يتفقد ما به ثم ينتقل إلى التلفاز وكأنها غير موجودة بالمرة ولكن.. لن يستمر ذلك وهي لن تصمت أكثر من هذا عليها أن تنهي كل ما حدث وتنعم ببعض الراحة معه لقد شعرت بالتعب الشديد بسبب ما يحدث لهم..
جلست جواره على الأريكة وأخذت الريموت من على الطاولة
متابعة القراءة