قبضه الاقدار بقلم نورهان العشري
بخزي و انبثقت عبرات الندم من مقلتيها قبل أن تقول بلهجة تقطر حزنا
انا غلطت غلطة كبيرة اوي و ضميري مأنبني عشانها و مش قادرة أسامح نفسي
في احد المشافي كانت ترقد روح بريئة تجاهد المۏت و تقاتل لاسترداد أنفاس سړقت منها رغما عنها . عوقبت بأقصى ما يمكن أن يحدث لبشر دون أن تعرف ما ذنبها
ما الذي اقترفته حتى تنال هذا المصير على يد من لا يعرف الرحمة ..
كانت الأجهزة تحيط بهذا الجسد الضئيل الذي تخترقه الأنابيب لتمده بما جعله قادرا على الحياة لمدة تسعة أشهر كانت بهما في غيبوبة تامة لا يتحرك إنشا واحدا من جسدها . حتى الهواء كان يصلها من خلال جهاز التنفس و بعد أن كانت صيحاتها تملئ المكان بهجة و فرحه انطفأت فرحتها و اندثر بريق الحياة من حولها و خيم الذبول على ملامحها ..
و لأن الشړ لا يكتفي و لا يستطيع أن يوقف طوفانه أحد فقد أرادت يد الغدر أن تطال منها تلك المرة أيضا فاقترب هذا الۏحش الضخم من أحد الأنابيب التي تغذيها و قام بفصلها واحدة تلو الأخرى حتى يجهز على أنفاسها القليلة المتبقية فما هي إلا ثوان و صدح صوتا قويا في أنحاء الغرفة يعطي إنذارا بأن هناك روحا توشك على المغادرة إلى خالقها و بعد أن أتم فعلته قام بالتسلل خفية كما جاء دون أن يدري بأن لكل شړ نهاية و أن المچرم لا بد من أن يترك خلفه دليلا مهما احتاط فرب العباد ينزل غشاوة على اعين الظالمين و يمدهم في طغيانهم فيسعون في الأرض فسادا و لكن عدل الله نافذ لا محالة
الحقونا بنتي بتموووت
هرول الجميع إلى غرفة تلك الطفلة التي لم تتعدى سنوات عمرها السابعة عشرة و حاول الأطباء القيام باللازم لإنقاذها و إذا بها بعد ظلام دام تسعه أشهر تفتح عيناها من جديد
جاء اليوم الموعود ل عقد قران أرواحا شابت خيوطها من فرط الۏجع و اندثرت معالمها بين طيات الألم و بالرغم من ذلك بقيت صامدة تنتظر ربما معجزة ل تخرج من بئر الحرمان الذي ابتلعها لسنوات إلى جنة أعدت للصابرين..
كانت كل دقة بقلبه تهمس باسمها تتغني بعشقها علي الرغم من أنه كان دوما رجلا صبورا إلا أنه اليوم نفذ مخزون
الصبر لديه يريد اجتياز كل تلك الساعات التي تفصله عنها و يختطفها من بين براثن العالم أجمع ل يتنعم بعشق جارف نبت من بين
ضلوعه الصلبة و فؤاده القاسې الذي لم يعرف اللين إلا لأجلها.
طرق قوي على باب الغرفه أوقفه عن إكمال ربطة لرأبطة العنق أعطى الإذن بالدخول فإذا به يتفاجأ برؤية شيرينالتي كانت تشبه الأموات في خطواتها وهي تناظر حبيبها الوحيد يتجهز للزفاف على أنثى غيرها..
قالولي احنا مانعينه عنك بالعافيه ابعدي عن طريقه .. بس أنا مقدرتش أبعد و جيتلك ب رجليا..
هكذا تحدثت بنبرة تخلو من الروح ك ملامحها الباهتة ف أجابها ب فظاظته المعهودة
عشان غبية .. كل دا و متعلمتش تسمعي كلام اللي أكبر منك..
انبثقت عبرات هادئة من عينيها وهي تقول پألم
مقدرتش.. كان نفسي اشوفك و انت عريس
معنديش وقت
أضيعه معاك. يالا عشان تجهزي قدامنا نص ساعه بالكتير و نتحرك..
هكذا تحدث بجفاء فاحتدت ملامحها و شابهت نبرتها حين قالت
مستعجل أوي عشان تروحلها
أجابها باختصار
بصراحه اه
نجح في إشعال ثورتها بجموده و استفزازه فنفضت ثوب الضعف جانبا و قالت بانفعال
كفايه بقي . انا عارفه إنك بتستفزني و عايز تعاقبني .. طيب أنا بعترف إني غلطت . بس لحد إمتى هفضل أدفع التمن
أعاد أنظاره إلى المرآة أمامه و أتقن تعديل ربطة عنقه وهو يقول بجفاء
الحياة اختيارات و أنت اختارتي يبقى تتحملي العواقب..
و انت ه تتحمل عواقب اختياراتك هتتحمل تعيش مع واحدة زي دي لو فاكر إنك هتبقى مبسوط ف أنا كنت زيك كدا و جايه دلوقتي بقولك إنك هتعيش تعيس معاها عمرك كله .. عارف ليه عشان إنت اتجوزتها عند و كيد فيا بس. صح ولا أنا غلطانه
لونت السخرية معالمه و بدا الضجر يقطر من لهجته حين أجابها بفظاظة
مش هناقشك عشان معنديش وقت بس لو اعتقادك ده هيريحك فاثبتي عليه ..
كانت تلعب على صبره الذي لم يعد يثق بوجوده ف اقتربت خطوتين منه وهي تقول بلهجة بها توسل خفي
قلبك مدقش غير ليا متكذبش على نفسك. إنت طول عمرك بتقول الحقيقية..
زفر الهواء المكبوت بصدره دفعة واحدة قبل أن يتحدث بخشونة
إنت بتعملي ليه كدا
تسابقت عبراتها فوق وجنتيها قبل أن تجيبه بنبرة مټألمة
مش قادرة .. حاولت و مش قادرة .. مش هشوفك بتكون لغيري و هسكت!
تشابهت لهجته مع ملامحه الجامدة حين قال
دي مشكلتك حليها لوحدك.. انا مش فاضي
لم يكن أمامها حلا آخر ف اخرجت تلك الشفرة الحادة من