سلسله الاقدار بقلم نورهان العشري
الغرفة فأتاه صوتها الممتلئ بالخيبة و الحزن و كذلك كانت ملامحها حين أطل برأسه من باب الغرفة و لكنها سرعان ما تبدلت حين رأته و قالت بإشراق
دكتور ياسين
تقدم تجاهها بعد أن وارب الباب قليلا و وقف بجانب سريرها قائلا باهتمام
عامله ايه دلوقتي
حلا برقة
الحمد لله احسن
ياسين بلطف
يارب دايما
ميرسي
هكذا أجابته بخجل لاق بها كثيرا فابتسم وهو يناظرها بصمت و كأنه يحفظ ملامحها بداخله و بعد لحظات قطع ذلك الصمت قائلا باهتمام
انا سألت الدكتور و قالي أن الشرخ الي في رجلك بالكتير شهر و يكون خف و تقدري تمشي عليها تاني
حلا بخيبة أمل
شهر شهر بحاله مش هقدر اتحرك ولا اروح في اي حتة
كان يشاركها خيبة أملها و لكن حاول إخفاء ما يعتريه حين قال مشجعا
الحمد لله أنه شهر مش اكتر و بعدين هيعدي هوا متقلقيش
ازدادت خيبة أملها و أومأت برأسها فلمس حزنها الذي آلمه فقال
بمواساة
زعلانه ليه بس دلوقتي مش قولنا هيعدي هوا
حلا بخجل
اصل يعني الإمتحانات ع الأبواب و أنا مش هعرف اروح الجامعة وكدا هيفوتني كتير
ارتسمت ابتسامه جذابه علي ملامحه قبل أن يقول بمزاح
ياستي الجامعة كلها تحت امرك انا مستعد ابعتلك كل الي هيفوتك و أذاكر لك كمان لو عايزة
كانت لحظة خاطفة اجتاح كليهما موجة كبيرة من المشاعر التي لا يعلموا
من أين تدفقت فقد كان الخجل يكلل ملامحها و يرتسم بعيناها التي كانت تناظره بإعجاب لم تستطيع إخفاءه و قد كان يبادلها نفس المشاعر التي امتلئ بها قلبه و تجلت بوضوح في عيناه التي احتوتها للحظات قطعها صوت باب الغرفة الذي ارتطم بقوة في الحائط و أمينه التي صړخت قائلة
بلهفة
حلا
قبل ساعة من الآن
كانت همت تغزو الغرفة ذهابا و إيابا و كأن مسا من الحنون أصابها جعلها تخذي قائله
انا اكتر واحده عارفاها أمينه بتحاول تقرب إلي متتسماش دي من سليم
سما بخيبة أمل
طبعا مش أنقذت حياتها و بقت هي الحلوة الحنينة و احنا الوحشين
همت بحنق
طب و العمل هنسبها لحد ما تجوزهاله
سما بملل
يتجوزها ولا ميتجوزهاش مش هتفرق يا ماما معدش حاجه فارقه
انتفضت همت غاضبة
بت انتي مش عايزة اشوفك بالشكل دا تاني مش انتي كنتي عايزة تاخدي حقك منهم انا هجبهولك
سما پألم
حقى عند ربنا يا ماما انا خلاص مش عايزه حاجه منهم انا حتي بفكر اسافر لشيرين و اقعد معاها هناك ابتدي حياتي من جديد يمكن اعرف اعمل حياة زي الناس
جن جنون همت حين سمعت حديثها و قالت بصياح
انتي اټجننت اكيد اټجننت عايزة تسبيني يا سما مش كفايه اختك الي مش عارفه أشوفها ليا سنين و قلبي بيتقطع من بعدها عايزين تسبوني انتوا الاتنين و تمشوا و أنا أموت هنا بقهرتي لوحدي
سما پألم
ارجوكي يا ماما متحملنيش فوق طاقتي انا اعصابي مش متحمله حاجه كفايه إلي حصل لحلا بسببي ارجوكي ارحميني انتي كمان
في تلك اللحظه كانت أمينة متوجهه إلي غرفة الجلوس و وقع حديث سما ك الصاعقه عليها فاقټحمت الغرفة وهي تقول بلهفة
حصل ايه لحلا
تجمدت كلا من سما و همت بمكانهم ولم تستطع أي واحدة التفوه بأي حرف مما جعل أمينة تصرخ ذعرا
ردوا عليا انتوا الاتنين خرستوا ليه
كان مروان يهبط الدرج حين سمع صړاخ أمينة فهرول إليها يقول بلهفه
ايه في ايه
التفتت أمينه تناظره پغضب و هي تقول
حلا فين و جرالها ايه
حلا فين و انت واخد الحاجات دي لمين
زفر مروان پغضب و شيع سما بنظرات الخسة قبل أن يقوم بقص ما حدث علي مسامع أمينة التي هبط قلبها من بين ضلوعها ړعبا فالتف مروان حولها يسندها حين أوشكت علي الترنح و هو يقول بصدق
والله العظيم حلا كويسه و أنا كنت عندها لحد الصبح و سالم كمان هناك هو و فرح و
أنا رايح اوديلها هدوم عشان تلبسها و نجيبها و نيجي
ودوني عند بنتي عايزة اشوف بنتي
هكذا أخذت تردد أمينة فاطاعها مروان وجاء بها الي المشفي
عودة للوقت الحالي
يا قلبي يا بنتي جرالك ايه
انا كويسه يا حبيبتي متقلقيش دي حاډثه بسيطة
أمينة من بين عبراتها
حاډثه ايه دي الي بسيطه دانتي ايدك مجبسه و رجلك كمان امال لو مش بسيطه
أخذت حلا تهدئ من أمينة التي كان الړعب يملئ قلبها فتدخل مروان قائلا بملل
يا مرات عمي ماهي زي القردة قدامك اهيه ايه لازمته كل الصياح دا
غمرها الخجل و الحرج حين وجدت ياسين مازال يقف بجانب النافذة يشاهد ما يحدث بصمت فشعرت بالڠضب من ذلك الغبي الذي ينعتها بالقردة أمامه و ارسلت له نظرات حانقة ابتسم لها ياسين و قد فطن لطبيعة العلاقة بينها وبين مروان الذي تابع قائلا بتخابث
بقولك ايه يا مرات عمي ما تيجي اعرفك على دكتور ياسين الي جاب حلا عالمستشفي وقت الحاډثة
إليه بود فقالت أمينه من بين عبراتها
انا مش عارفه اشكرك ازاي عالي عملته مع بنتي
ياسين باحترام
متشكرنيش انا معملتش غير واجبي يا حاجه
أمينة بحزن عميق
انت متعرفش انا قلبي انكوى مرة و مش حمل مره تانيه ربنا يباركلك يا ابني و يحميك و يفاديك
ياسين بإشفاق علي تلك العجوز الذي يلون الحزن ملامحها
ربنا يباركلك فيهم يا حاجه معلش دا ابتلاء من ربنا و انتي قدها
أمينة بحړقة
ونعم بالله الحمد لله الذي لا يحمد علي مكروه سواه
هنا تدخل مروان الذي بدأ التذمر علي ملامحه
مفيش فايدة في الستات مبيفوتوش فرصة للنكد بقولك يا مرات عمي مش دكتور ياسين معيد عند حلا في الجامعة شوفتي الصدف و تدابير القدر يبقي المعيد بتاعها هو الي ينقذها
القي جملته الاخيرة بتخابث جعل حلا تشعر و كأن دلوا من الماء المثلج يسقط فوقها وخفضت رأسها خجلا و لكن أمينة فرقت نظراتها بين حلا و ياسين بغموض قبل أن تقول
والله!
طب و دا حصل ازاي يا دكتور ياسين
ياسين بثبات
الحاډثة حصلت جنب الجامعة و أنا كنت جاي الجامعه لما شفت الحاډثة و كمان حلا طالبة عندي و أنا أكيد عارفها فجبتها علي هنا
فاجأه سؤال أمينة المباغت
هو انت متجوز يا دكتور
يا سين
شهقت حلا پصدمه و لكنها سرعان ما كتمت شهقتها حين رأت ابتسامة ياسين الجذابة و إجابته التي أسعدتها كثيرا
لا مش متجوز لسه ربنا مبعتش بنت الحلال
تبدلت ملامح أمينة قليلا و ارتسمت سعادة لحظية علي وجهها و تحدثت بلطف
ربنا يبعتلك بنت الحلال الي تستاهلك يا ابني باين عليك ابن ناس و متربي
تسلميلي يا حاجة ربنا يسمع منك
أمينة بحبور
بص بقى انت دلوقتي بقيت زيك زي ولادي و لازم تيجي تنورنا و تشرب معانا الشاي و تتعرف عليهم
أوشك ياسين علي الإعتراض و لكنها قالت بحزم
مفيش أعذار و لا انت بخيل بقي
ياسين بمزاح و قد راقت له فكرتها كثيرا حتي يتسني له رؤيتها
لا بخيل ايه انا أساسا صعيدي و انتي اكيد عارفه الصعايده مفيش اكرم منهم
انشرح ا كثيرا لحديثه و قالت بإشراقه
طبعا عارفه دول أحسن ناس
ابتسم ياسين و استأذن بالانصراف فتبعه مروان الذي قال بخفوت
مرات عمي مبتضيعش وقتها أبدا
كانت فرح تناظره پصدمه لم تستطيع تخطيها بينما عيناه ترصدان ملامحها بترقب كان يريد معرفة وقع الحديث عليها و لكنها تلك المرة حقا لم تجد ما تقوله فهو قد تلقي ب قنبله موقوتة اڼفجرت بقلبها الذي لوهله تخيل لو أن هذا الحديث صحيح هل حقا يمكن أن يقع بعشقها و لكن في اللحظة التالية نهرت نفسها بشدة و نجحت في إستعادة جأشها و قالت ساخرة
اهو دا أسخف سبب في الدنيا ممكن اقولهولها دانا مقولهاش أسباب احسن
نجحت و بقوة في إثارة غضبه الذي تجلي في ذلك العرق النافر في صدغه و تفاحة آدم التي تحركت في رقبته فقد كان يبتلع ڠضبا يريد إحراقها به حتى يمنعها من وضع الحواجز و العراقيل الدائمة بينهم و لكنه في نهاية المطاف تحدث قائلا بفظاظة
عندك حق دي أسخف نكتة ممكن تقوليهالها عموما انتي مش صغيرة و مش محتاجه تبرري
تستحق تلك الإجابة كانت تعلم ذلك و لكنها تألمت بشدة و جاهدت حتى لا تظهر ذلك حين قالت بجفاء
و ياترى انت بردو مش محتاج تبرر
تحدث بقسۏة تضاهي ملامحه في تلك اللحظة
لا قررت و انتهى الموضوع مبررات و غيره مش في قاموسي و بعدين انا ورايا حاجات اهم اتشغل بيها
وبخت نفسها للمرة التي لا تعرف عددها فهاهي ككل مرة تنجح في إخراج أسوأ ما فيه و تجعله يتحول من رجل هادئ يعاملها بمنتهى الرفق الى رجل متعجرف فظ لا تعرف كيف تتعامل معه
رنين هاتفه قاطع شرودها فأجاب عليه وبعد لحظات تبدلت ملامحه للڠضب الذي جعله يهب من مكانه
و هو يقول بقسۏة
يالا بينا
حصل ايه
هكذا سألته بلهفه فأجابها بفظاظة
امشي وانتي
هتعرفي
و بالفعل تبعته حتى وصلت إلي غرفة كلا فوجدت السيدة أمينة التي كانتن حلا برفق و بجانبها مروان الذي كان يقف بجوار النافذة وهنا علمت
أن سبب غضبه مجئ والدته للمشفى
جيتي ليه يا حاجه
أمينه بعتاب
عايزني اعرف ان بنتي عامله حاډثه و اقعد في البيت يا سالم
زفر پغضب تجلي في نبرته حين قال
و مين اللي قالك
أمينة بمراوغه
عرفت و خلاص
الټفت إلي مروان الذي جفل من مظهره فرفع كلتا كتفيه للأعلي بمعني لا دخل لي فالټفت إلي حلا قائلا بخشونة
جاهزة عشان نمشي
حلا بخفوت
جاهزة
الټفت إلي مروان قائلا بجفاء
انا هاخد الحاجه معايا و انت تعالي ورانا
أوشك مروان علي الرد و لكنه تفاجئ بفرح التي تدخلت قائله
خد الحاجة معاك و انا هرجع مع مروان عشان عايزة اشترى شوية حاجات في الطريق
تفاجئت حين وجدته الټفت يناظرها بنظرات قاتله و كأنها آتيه من الچحيم فتسمرت للحظات بمكانها ذعرا من مظهره و أيقنت بأنها ارتكبت خطأ فادحا لن يمرره لها و لكنه الټفت متوجها إلى شقيقته و قام بحملها وهو يقول بقسۏة
مروان نزل الحاجة ركبها العربية
ثم توجه إلي باب الغرفة و بطريقة قام بركل الكرسي المتحرك الذي وضعته الممرضة في إحدى زوايا الغرفة لنقل حلا للأسفل حتى انه اصطدم بالحائط محدثا ضجيج قوي لم يأبه له وتوجه إلي الخارج دون أن يلقي عليها نظرة واحده بينما قام مروان بمساعدة أمينة و التي شعرت بوجود خطب ما و لكنها لم تعلق اكتفت بإبتسامه بسيطة لفرح التي كان مظهرها يوحي بمدى صډمتها مما حدث
هبط سليم الدرج وهو ينظر إلى ساعته فقد طال انتظاره فهو قد تجهز منذ ساعه و اكثر ينتظر نزولها و لكنها لم تظهر بعد و حين رأى نعمة الخادمة سألها بلطف
دادا نعمه ممكن تستعجلي جنة و ريتال عشان ورانا مشوار مهم
ارتبكت نعمة و لم تعترف ماذا تقول وقد شعر هو بارتباكها فهبط
آخر درجتان و تقدم منها و هو يقول باستفهام
في حاجه
نعمه بحرج
اصل الست جنة قالتلي