رواية ميراث الندم بقلم الكاتبة أمل نصر
المحتويات
ياجي يدور عندينا احنا مش ناجصين طلعته البهية
اجفل مالك بردها الخالي من أي لباقة نحوه ليتلجم عن معارضتها امام حرج سکينة التي دمدمت تصلح له
معلش يا ولدي هي بس خاېفة من الفضايح والكلام والحديث ما انت عارف ابوك وعمايله
اومأ رأسه على مضض يظهر تفهما لم تقتنع به سليمة والتي تحركت تغادر قائلة
بعدم اكتراث
وفي مكان آخر
وامام مراتها كانت تلتفت يمينا ويسارا لتتأمل جمال قدها بهذا الفستان الذي ترتديه مكشوف الذراعين والقصير حتى الركبتين بقماشه بعدما اطلقت شعرها الاصفر الحريري
خلف ظهرها وأضاف الحمرة والألوان الصاخبة لبشرة وجهها لتبدوا وكأنها امرأة اخرى امام تلك الجالسة تفترش التخت متربعة وابنها الصفير بحجرها ترضعه حتى اذا الټفت اليها تطلب رأيها
تطلعت لها المذكورة بانبهار تجيبها بموافقة
ما شاء الله عليكي لا طبعا يا ست فتنة انتي احلى منبهم كلهم دا كفاية الشعر الصفر ولا الدرعات البيضة زي الحليب دا انتي لهطة جشطة زي ما بيجولوا
اطلقت فتنة ضحكة مدوية مائعة وقد اطربتها كلمات الغزل لتقترب نحوها بخطوات مائلة تشاركها الجلوس على التخت واضعا قدما فوق الأخرى تقول بزهو
ارتسمت الدهشة على وجه عزيزة تطالعها بعدم استيعاب حتى خرج منها السؤال الملح
جوازة ايه اللي كانت كابسة على نفسك يا فتنة انتي كنتي واخدة الكبير كبير العيلة والبلد كلها دا غازي الدهشان
وافرضي يا ختي غازي الدهشان وكبير البلد والدنيا كلها حتى ما انا برضك فتنة
قالت الأخيرة تترافق مع دفع الخصلات الكثيفة لشعرها للخلف وهزه بكتف ذراعها تتابع في التمجيد بجمالها
ولا انتي مش واخدة بالك انا مفيش مني في البلد كلها يا حبيبتي يعني هو الخسران مش انا
واصلت عزيزة بعدم تصديق
شهقة ساخرة صدرت منها لتردف بتعالي مرددة
أشيل الهم واتعب كمان! ليه يا حبيبتي كنت مېتة في دلاله مثلا طب على ايه يا حسرة دا كل عيشته نكد في نكد ولا بيعرف يتحدت ولا يدلع زي باجي الرجال ولا ممكن ابكي يعني على عشرته معايا في داهية دا انا بكرة اتجوز سيد سيده وهتشوفي بنفسك لما يتحصر عليا العمر كله
دمدمت عزيزة بذهول شديد لا تصدق هذه القوة التي تتحدث بها هذه المتغطرسة والتي لا تفعل حساب أي شيء سوى نفسها
بصراحة يا فتنة لو انا مكانك وربي المعبود لكنت شيلت الطين اهو عزب بيطلع عيني على أجل غلطة ويحاسبني حساب الملكين وامي وابويا لو زمجت بس ساعة في نفس اليوم بيروحوني ڠصب عني وبكون كارهة لكن بصراحة لما اعيد واراجع نفسي بجول كدة احسن برضك الواحدة في بيتها مع جوزها ووسط عيالها تسوى الدنيا
كانت تتحدث بعفوية وبلاهة لم تتنبه اليها الا بعد لحظات حينما رأت امتقاع وجه الأخرى وهذا الشرر المنبعث من عينيها پغضب نحوها
الكلام دا يسري عليكي انتي يا ماما ابوكي وامك ما صدجوا خلصوا ورموكي في جفا واحد يشيل مسؤليتك انتي وعيالك انما انا لأ يا حبيبتي انا ابويا واجف دايما في ضهري ومبديني على كل اخواتي انا اللي اتجلعت دونا عنهم كلهم
قاسېة ولا تتوانى عن چرح الآخرين وقد اتخذت منهاج التجربح لكل من يحاول معها بنصيحة لا تتقبلها او التلويح عن خسارتها الفادحة كما فعلت عزيزة والتي شعرت بحجم غباءها لتنهض فجأة تعبر عن رغبتها في الذهاب
ربنا يخليهولك هو في أحسن من الأب برضوا اما اجوم انا اشوف ورايا ايه
أدركت فتنة لتعمد الأخرى الذهاب بعدما بالغت بحدتها في الرد عليها فتعمدت هذه المرة ان تناديها ببعض اللطف
ايه يا عزيزة هو انتي لحجتي تجعدي ولا احنا لحجنا نتكلم حتى يا شيخة خليكي ونسيني شوية
جذبتها من كفها تمنعها من النهوض وتابعت تتملقها بالكذب
دا انا ما صدجت اشوفك يا بت وحشتني الجعدة معاكي
وحشتني حكاويكي ودمك الخفيف يا مضړوبة
ظهر تأثير الكلمات على ملامح الأخرى وقد ارتخت تعابيرها لترد بعتب
ما انا كنت جيالك عشان كدة اصلا بس كمان محبش اكون تجيلة على حد وبرضك اما احس اني غلطت بلم نفسي وامشي من غير كلام
بامتعاض داخلها اجبرت فتنة نفسها على ترضيتها فهي الوحيدة التي أصبحت تتحملها هذه الأيام بالإضافة لغباء تفكيرها المناسب لواحدة مثلها سوف تحتاجها كثيرا في الفترة القادمة
انتي عمرك ما كنتي تجيلة يا عزيزة بالعكس وانتي عارفة اني بحبك من زمان يعني حتى غلطتي برضك لازم افوتلك عشان انتي صاحبتي
كالعادة رضخت عزيزة في الأخير تتجاهل ڠضبها منها حتى تندمج في الحديث وتعود لأسئلتها الفضولية
بس انتي مجولتيش يا فتنة جبتيه منين الفستان ده
ضحكت الأخيرة تعود لزهوها السابق تجيبها بتفاخر
جيبته من أغلى محل في مصر طلبتهم عن طريج الانترت بعد ما شوفته وكنت هتهبل عليه مجدرتس امنع نفسي ورحت طالباه وجالي عن طريج الشحن بس ايه رأيك يستاهل صح
بتأمل مكشوف عبرت عزيزة عن دهشتها
هو فعلا يستاهل بس انتي شارياه ليه
دا مينفعش تطلعي بيه اساسا
عارفة يا ختي
تمتمت لتمصمص بشفتيها مرددة بغرور
بلد فجرية ملهاش في الموضة بس انا جيبته عشان ادلع نفسي يا حبيبتي ولسة كمان لما تخلص العدة الزفت هطلع واعيش حياتي بالطول والعرض انا خلاص حصلت على حريتي
المبالغة في الأخيرة جعلت عزيزة تزبهل بنظرها اليها لتعقب خلفها باستدراك
انتي بجيتي تتكلمي زي اللي بياجوا في التلفزيون يا فتنة
ايوه يا اختي فاكراني مش مثقفة اياك لا يا ماما انا مفتحة وعارفة كل حاجة في الدنيا
من خلف الزجاج الداخلي للنافذة وقفت على غير اردتها تتابع المشهد الغريب غازي الدهشان الرجل المهيب مرتديا ملابسه رياضية العادية مشمر البنطال حتى الركبة ويسابق الأطفال الصغار من أبناء نادرة ووجدان شقيقات روح وبناته اللاتي أتين في هذا اليوم الاستثنائي لتعح الحديقة بصرخاتهم الصاخبة
وقد جمعهم جميعهم في فريق واحد وهو ومعتز في فريق اخر
يناورهم ويدابعهم مع طفلها الذي كان ينطلق ويركض بتوافق معه يثير الضحكات من القلب حركته الصغيرة مع الخطوات العملاقة من الاخر والذي كان يرفعه عن الارض في تسديد الضربات الناجحة بحصد الاجوال في جولات عبثية هدفها هو الضحك وتقضية الوقت الجميل مع الأطفال والذي بدا ولأول مرة امامها وكأنه طفل مثلهم بهذه الروح الجديدة منه
وبعدما كانت تريد فقط القاء نظرة على طفلها تسمرت تتابع وتبتسم لضحكاتهم وكأنها معهم تشاركهم الصخب الدائر في ارض الملعب او أرض الحديقة على الأصح
وفي موقع الحدث نفسه
كان صياحه في التشجيع بين الاثنان الذان حصرت الكورة بينهما بأمر منه اصغر فتياته ضد معتز نظرا لتقاربهما في العمر
ياللا يا معتز يا للا يا دنيا ياللا يا بابا حركي رجلك شوية يا بت
يواصل التشجيع جالسا على ركبتيه غير عابئ بنظافة الملابس او مظهره امام رجاله يصفق للصغيرين يتجاهل عن قصد همهمات البقية وضجرهم
يا بابا عايزين نلعب العيال دي معرفاش تلعب اساسا
هتفت الوسطى من صغاره ليعقب على قولها بضحكة ساخرة
لا وانتي اللي حريفة يا شروق اصبري يا مضړوبة ولا اعتبريها فترة راحة ياللا يا عيال
زاد بالتصفيق مع ازدياد الحماس بحركة الأطفال التي تقدمت قليلا حتى قطعها معتز بترك الملعب راكضا نحو جدته التي وصلت للتو
تيتة
اعتدل غازي لينتفض منتصبا بحرج امام المرأة التي تلقفت حفيدها ترفعه عن الارض بضمة قوية له
ااهلا يا حجة سليمة نورتينا
ردد مرحبا بها يكتنفه خجل شديد لمظهره المذري أمامها ولكنها قابلت فعله بابتسامة جميلة منها تقول
والله يا ولدي دا نورك انت والعيال الحلوة ومعتز باشا ياريتني كنت اعرف بالمبارة الهامة كنت بدرت عشان اشجع معاكم
اجبرته بعفويتها على الابتسام حتى اشرق وجهه يجاري
دا انتي كنتي هتنبسطي خالص معتز باشا دخل كذا جون
سمعت منه توجه سؤالها للاخير بمرح
صح يا واد وجيبت كام جون على كدة
وكان رد الصغير هو أن رفع كفيه الاثنان أمامها
تدة يا تيتة تدة
بفعله الطريف اجبر جدته على الاندماج مهللة له
عشر اجوان جيبت عشر اجوان يا بطل
شاركها
غازي المزاح بالحديث عن بطولات حفيدها الهمام بمساعدته في القضاء على الفريق الاخر باكتساحهم بعدد الاجوال التي دخلت في مرماهم بالإضافة لصد الھجمات المرتدة والمضادة
البساطة كانت بين الاثنان وكأن المعرفة التي تجمعهما منذ زمن وليس بفترة لا تتعدى الشهور يحمل لها احتراما وتحمل له امتنانا بلاد حدود وقد رفع عن كاهلها الهم الأكبر وهو حفظ أمان حفيدها ووالدته والتي ظهرت فجأة أمامهما وقد خرجت تستقبلها بوجه مضيء نافس الشمس بنورها وورد الوجنتين خجلت منهما زهور الحديقة وابتسامة الفرح بالترحاب بسليمة زادت على الجمال جمال
لترهق قلبه المعذب وهو لا ينقصه
صدرت صوت حمحمنه المفاجئة ليترك الاثنان بلقائهم عائدا للإطفال واستكمال اللعب معهم وكي يشغل هذه الأحمق بصدره يرهقه باللهاث ركضا خير من تفكير لا طائل منه
يا للا يا عيال هنستأنف اللعب مين هياخد مكان معتز معايا
نجي اللي تعجبك يا روح
تنتقي ما يعجبها وما هو الذي يعجبها مجموعة من المصوغات وضعت امامها داخل الإطار المخملي كل قطعة تغلب الأخرى بجمالها المختلف والمميز والمطلوب منها أن تختار وهي بالفعل اختارت تعود لنفس الرباط الذي التف حول رسغها منذ الصغر
ليس هذا الذي دفعت من أجله سنوات من الصبر قبل أن يضيع كل شيء منها على اخر لحظة ويتسرب الحلم الذي عاشت عليه طويلا من بين يديها وكأنه لم يكن والمطلوب منها الان ان تختار
حديث نفسها وشرودها الذي طال حتى انها لم تعد تشعر بالوقت ولا بملل شقيقتها وابنة عمها شقيقة عارف حتى التهيا بالحديث مع بعضهما إلى حين أن تنتهي
العروس من الأنتقاء من المجموعة التي أمامها
فلم تنتبه لنظرات عامل المحل الذي كان قريبا منها بحكم عمله المكلف به في عرض القطع امامها فشرد هو الاخر يهيم بحسنها الافت غافلين بمن دلف عائدا من الخارج
بعد انتهاء مكالمته الهامة مع أحد الأشخاص ليفاجأ بهذا المشهد وتشتغل الډماء برأسه
انتوا لسة مخلصتوش
هتف يجفلهما بالنظر نحوه بتساؤل عما به وقد قست ملامحه ليتقدم حتى وصل اليها يلتصق بها امام
العارض الزجاجي موجها السؤال لها بعد ان حدج هذا الأحمق بنظرة ڼارية جعلته ينزل عينيه عنها
متابعة القراءة