رواية ميراث الندم بقلم الكاتبة أمل نصر
المحتويات
الأحمق لن يحدث لقد عرف رأيها عنه وعرف انها لن تنظر اليه وطيف الراحل زوجها تضعه حاجزا وحائط صد لكل من يبتغي القرب منها
ثم ماله هو من الأساس بها رجل عرف حظه القليل من مباهج الدنيا والنساء رجل حكم عليه ان يضلل بجناحه على الجميع ولا يجد هو من يضلل عليه رجل يهابه الجميع ومع ذلك لم يجد التقدير من اقرب الناس اليه مع من كانت زوجته
إذن ماذا ينتظر لابد ان يجد حلا لمأساته لابد ان يبتعد!
غازي
التف منتبها لصاحبة النداء والتي عرفها من صوتها لتزداد دهشته مع تفاجأه لقدومها من الخارج بعباءة الخروج السوداء
انتي جاية منين امتى سيبتي سريرك وطلعتي
وحشتني يا غازي وحشتني يا واد ابوي هونت عليك هانت عليك روحك يا غازي
زفر يغمض عينيه ليكبت لوعته شقيقة روحه تسأله وكأنها لا تعلم او تريد تفسيرا لابتعاده عنها وهي التي شقت بجرحها جدار الطمأنينة المتبقي له من هذا العالم والوحيد الذي كان يستند عليه حينما تضيق به كل السبل ولا يجد راحته الا عندها
نزعت نفسها عنه لتنظر اليه بوجهها الباكي تقول
مكانش ينفع يا غازي عمرك ما كنت ها تتبعني وتسبيني استني مكنش جلبك هيطاوعك على جناني
خرجت منه پألم كان يطل من عينيه رغم اشتعال لهجته الغاضبة ليستطرد
انا بحاوط بكل جهدي لكن عارف ومتأكد ان عمك مش جافل خشمه لا هو ولا الملعۏنة اللي كنت متجوزها حتى بعد ما خدت التلفونات منهم ومسحت كل الصور ومبجاش معاهم الحجة برضوا ما سكتوش بس طبعا الكلام بيلف يلف ويجي عند صاحبه ويوجف واخدة بالك منها المعلومة دي يا روح
واخدة بالي وعارفة بطبيعة عمك وبته زبن جوي بس انا بجولك اها كل الكلام هينتهي والخشوم هتتجفل جريب جوي يعني ترفع راسك يا واد ابوي عمتك بيضا وعمر ما يمسها التراب
ضاقت عينيه ليسألها بريبة
جصدك ايه وضحي يا روح
كل حاجة هتتصلح يا واد ابوي انا بس عايزاك متزعلش مني او ع الأجل تسامحني على كل الضرر اللي حصلك بسببي سامحني يا غازي حن عليك
زادت بضمھا اليه تردد بالبكاء
يا حبيبي يا غازي ربنا ما يحرمني منك ولا من وجودك جمبي وفي ضهري دايما
ربت بحنان على ظهرها يخفف عنها حتى هدأت فخرج صوتها
عمك وواد عمك هيجوا يزرونا بكرة انا بلغت عارف بمواجفتي على طلبه
انتي اتجنيتي يا روح روحتي لواد عمك تعرضي عليه نفسك ليكون اترجتيه كمااان
اترجى ليه هو انا ناقصة ولا معيوبة
قالتها بقوة لتردف بشموخ ورأس مرفوع
انا روحت لعارف عشان هو دا الاختيار الصح في الوقت ده لازم الكل يشهد فرحي اللي هيسمع في الدنيا كلها عشان بعدها لو حد اتكلم في ضهري بنص كلمة تعرف تجيبه تحت رجلك من غير ما تضعف ولا يبجى عندك شك في براءتي
غازي الدهشان مينفعش ابدا يبجى في حياته نقطة ضعف حتى لو كانت اخته راسك هتفضل دايما مرفوعة يا واد ابوي
ورغم حنقه من فعلتها وعدم استشارته قبل ان تتحرك وتنفذ هذا القرار الموجع لها الا انه لم يقوى على كبح ابتسامة الفخر
امام هذه العزة والثقة التي تتحدث بها لا يملك المرء رفاهية الاعتراض فما باله وقد
تحققت اخيرا امنيته بأن ترتبط بأقرب الأشخاص اليه ابن عمه عارف
انت متأكد من قرارك ده يا ولدي
سأله والده للمرة الثالثة او الرابعة لا يذكر ومع ذلك عاد اليه بتفس الإجابة دون تردد او اهتزاز
متأكد
يا بوي والله متأكد المهم انت تصدج بقى
لم يخفي عنه والده هذه النظرة المتشككة ونية الاعتراض حتى لو لم ينطقها بلسانه ولكن الاخر كان واعيا الا يتركه في حيرته
ما تجلجش عليا يا حج يامن ولا تفتكر ان هحل موقف على حساب كرامتي
التقط يامن الأخيرة ليردف معبرا عن ظنونه وهواجسه
امال ايه بس يا ولدي انت طول عمرك عايزها ودي مفيش حد في العيلة كلها ميعرفهاش بس يعني
طبعا انا مش هتكلم ع الهبل اللي برطمت بيه بت سعيد وابوها كمان بس انت شوفت الصور بعنيك يا عارف اينعم هي مفيهاش اي شيء مخجل لا سمح الله لكن كان فيها الاهم فرحة لقا الاحب
اكمل متابعا له
لقا الاحبة عارف يا بوي الحاجات دي انت مش محتاج تبينها جدامي دا شيء يستحيل يغفل عنه حد زيي
طب ولزوموا ايه بجى بت عمك لا هتغلب ولا نصيبها هيوجف دي عرسانها ما بتبطلش مال وجمال وثقافة عاليه ولباقة يعني تشرف اي عيلة واي واحد يرغبها مهياش في حاجة ليك حتى مع الكلام اللي بيتجال
زفر واضعا يديه في جيبي بنطاله يطالع الفراغ أمامه بصمت وكأنه شرد لبعض الوقت ثم ما لبث ان يعود إليه قائلا
على فكرة انا مجدر ظنك ده ومخاوفك اني اتجرح من تاني او اني مثلا اكون واخدها انتقم منها ما هي برضك بت اخوك وتعز عليك بس انا عايزك تطمن من الناحيتين لأني كبرت وهديت دلوك معدتش عارف بتاع زمان في العصبية او الڠضب
انا دلوك عرفت الحجيجة وعرفت السبب اللي كان واجف حاجز ما بيتي وما بينها عشان متشوفنيش زين اللوعة في العشج علمتني الصبر يا ابوي
يعني ايه برضوا مش فاهمك يا واد
تبسم متجاهلا الرد عن سؤاله ليستدير عنه متمتما
دي حاجة مينفعش فيها الشرح يا بوي اعمل حسابك بس انت بكرة
خرج من الغرفة التي يختلي بها والده من أجل العبادة ليتركه متطلعا في الفراغ للحظات حتى غمغم متسائلا بصوت واضح مع نفسه
يا ترى دماغك في ايه يا ولد ابو عارف
وفي مكان اخر
على أطراف الأرض الرطبة بجوار المصرف الزراعي
حيث الهدوء الشديد والاختفاء عن اعين الجميع واالضوضاء الاتية من الجزء الأعلى بالقرب منهم حيث تجمعات الورش والصناع وعالم المقهاي وما يخدم عليهم من محالات للبقالة واشياء أخرى
جلسا الاثنان كعادتهما كل مساء في هذه البقعة الزراعية الخالية من البشر في هذا الوقت
ېدخنان سجائرهما الممنوعة وأحاديث لا تنتهي من الشابان نظرا للصداقة القوية التي تجمعها بالإضافة لقرب الافكار بينهما
هيشلني يا حافظ عامل فيها عم الجمور وبيبلس اللي ع الحبل وكل دا ليه عشان يرجع المحروسة القديمة من تاني لا وماشي كدة مع نفسه وفاكر ان احنا اغبيا ومش فاهمينه
علق الاخر بضحكات متقطعة متحشرجة
يعني عايش فيها في دور الناصح عليكم مش هين ابوك يا مالك رغم ان لما تشوفه ميبانش عليه خالص
لم يستجب لمزاحه بل بادله بنظرة قاتمة يردف
يا حافظ افهمني انا مش هاممنني ان كان يبان عليه ولا ميبانش انا دمي بيغلي عشان مش لاجى نتيجة وكل يوم يثبتلي انه ندل وممكن يبيعنا في أي وجت
قال حافظ بخبث لم يخفيه
بصراحة لو ابويا اروح فيه اللمان ما هو مش بعد التعب والمرار دا كله تطلع كمان من المولد بلا حمص وياجي هو وياخد ع الجاهز دا ايه الحظ دا يا عم
زادت ملامحه اظلاما مع الظلام المحيط بهم ليردد بحريق يسري بداخله
ومين جالك اني هسكت ولا استنى لحد ما يعرف يميل راس المرة الوحدانية من تاني
طب يا عم ما تصبر شوية مش بمكن لو عرف يميل راس مرة ابوك يطولكم من الحب جانب يا عم مالك
زجره پعنف رافضا عرضه
يعني نستني لحد ما يرميلنا الفتافيت والله ما يحصل انا الاحج باليغمة دي انا الاحج صدقي ابو سليم في انتظار اشارة بس الراجل ھيموت ويعمل التجمع اللي بيحلم بيه
اااه
تأوه ضاغطا بأسنانه على طرف شفته بغيظ شديد يردد بتحسر
اه لو يحصل يا حافظ انا بجالي سنين متعشم وببني احلامي على بيع البيت
ده وكله بسببهم فضلوا يكبروها في مخي ودلوك عايشين حياتهم ولا اكن حصل شيء هي بالشړا اللي ما بيخلصش وهو بتخطيطه عشان يكوش ع المرة وورثها
نفث حافظ الدخان الاخضر لسيجارته ثم سأله بريبة وكأنه يستشف ما برأسه
وبعدين ناوي على ايه
مش هسكت يا حافظ عن حجي ممكن استني اشوية عشان اراجب واشوف الدنيا موديانا على فين بس مش كتير عشان انا محدد بالظبط هعمل ايه
في اليوم التالي
دوت صوت الزغروطة العالية حتى رجت بروعتها
قلب المنزل تعبيرا عن الفرح بإتمام الاتفاق بين افراد العائلتين
لولولوي
بس يا نادرة وجفي
هتفت بها توقف شقيقتها عن المواصلة لتحتج جدتها من خلفها
بتمنعيها ليه يا بت خلى الفرح يخش البيت
الټفت بحرج تعبر عن رغبتها في ذلك ولكن وقعت عينيها على سهام خاصتيه المتربصين وهذا الغموض الذي يعتلي تعابيره رغم صمته
انا بجول انتا نخلي الأمر كتيمي دلوك لحد ما يحصل حاجة رسمي
عبرت نادرة عن استيائها
ونتكم ليه هو احنا كل بيدخل عندينا الفرح ما تجوليلها حاجة يا جدة البت دي
تدخل شقيقها يحزم لا يخلو من اللطف
اسمعي الكلام يا نادرة الرسول بيجول واستعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان
عليه افضل الصلاة والسلام
تمتم بها الجميع من خلفه حتى خرج صوته الاخر برزانة ولطف
اسمعي الكلام يا نادرة ووفري طاقتك لليلة الكبيرة
ارجصي واعملي اللي نفسك فيه ساعتها لكن خلي الأمر دلوك يعدي على خير وراعي ان واد عمك ما صدج
قالها وصدرت الضحكات من افواه البقية حتى اغتصبت هي ابتسامة باضطراب لم يغقل عنه يعلم جيدا بالحړب التي تدور داخلها لقد اختارت شقيقها ومكانته وقبلت به مضطرة رغم اختياره لها من يوم مولدها نعم هو لم يرى من النساء غيرها ولن يرى كما انه لن يتراجع وقد خطا الان اولى الخطوات فيما يخطط له
قطع شروده بها صوت جدته التي هتفت تشاكسه
يا واد شيل عينك عنها شوية اتجل كدة و متبقاش خفيف يا جزين
استجاب ضاحكا يجاريها
وانتي يعني مركزة معايا
ليه ما تسبيني في حالي يا فاطنة
قالها ليتبادل معها ومع البقية المزاح ليشيع جوا من المرح والدفء الأسري حتى استعجبت هي لهذه البساطة التي تجدها منه رغم تشدده بالأمس معها انها حقا لا تفهمه
تسائلت فاطمة باستدراك مندهشة
الجعدة حلوة والله يا ولاد ناجصها سعيد يحضرها معانا ولا يكون زعلان على موضوع طلاج بته بس انت ايه دخلك يا يامن انت وعارف
تحمحم المذكور يجيبها باضطراب فهي الوحيدة بهذا المنزل التي لا تعلم بحقيقة ما
متابعة القراءة