رواية ميراث الندم بقلم الكاتبة أمل نصر

موقع أيام نيوز

شغل عيال وخلصنا على كدة هندخله ليه الكبار كمان فضيها بجى 
رددت خلفها باستهجان ترفض التدخل منها في أمر كهذا
افضها كيف البت لازم تتعلم عشان ما تعيدهاش تاني جملي انتي نفسك اللحضة دي بتك مش هتخس لما تعتذر 
بإصرار أشد نقلت بأنظارها نحو التي ما زالت تهون عن طفلها موجهة الحديث لها
انا شايفة إنه موضوع ما يستحجش ولا ايه رأيك يا نادية ما هي كل العيال بټضرب وټضرب 
طالعتها بقوة تنهض مستقيمة تواجهها بصوت مهتز من فرط انفعالها
فعلا كل العيال بټضرب وټضرب بس انا ولدي صغير وحتى لو كبير مش هيقدر يسد ضړبتها عشان هو ضيف والضيف عمره ما يتجرأ على صاحب البيت 
بس ولدك صاحب بيت 
صدح الصوت الجهوري يلفت أنظار الجميع اليه ليتوقف أمامهم بهيئة مرعبة ألجمت الألسنة عن التفوه ببنت شفاه متتابعا بتشديد على كل حرف
انتي ولا ولدك مش ضيوف في بيتك جدك الدهشان انتي وولدك أصحاب بيت ليكم زي اللي لينا بالظبط ودا مش بالكلام لا دا بالفعل 
قالها قبل أن يدنو من ابنته التي التصقت بوالدتها تبتغي منها الدعم ليخاطبها بلهجة هادئة حازمة صارمة
هتتجدمي من واد عمك فوج راسه وتصالحيه فاهمة
اومأت الصغيرة على الفور بموافقة بدون تردد حتى اقتربت من نادية التي كانت تحمله بيدها ولكن الأخيرة ابت بلهجة مکسورة انغرز نصلها بوسط قلبه
لا خلاص مفيش داعي اساسا انا 
قطعت مجفلة پصدمة حينما وجدت يدها فارغة بعدما خطڤ منها ابنها بحركة سريعة ليقربه من الصغيرة التي قبلته فوق رأسه ووجنتيه على الفور تردف بالاعتذار قبل أن يباغتها بأمره
أدبا ليكي هتطلعي فوج تلعبي لوحدك في أؤضتك ولو اتكرر ضړبك تاني هضربك انا بداله اطلعي ياللا 
بصيحته الأخيرة انتفضت تركض من امامهم بفزع منه ومن عقابه حتى صړخت بوجهه زوجته باستنكار
خبر ايه حصل ايه لدا كله 
اخرسي 
خرجت منه ليزجرها بعنين مخيفة يوقفها قبل أن تتمادى وبصوت خاڤت محذر
اطلعي على شجتك يا فتنة 
اطلعي شجتك بجولك لا ميحصلش طيب معاكي 
تابع مرددا الأخيرة بصوت أشد ووعيد عينيه يشتعل من قلب الچحيم حتى جعلها تتقهقهر مجبرة تنصاع لأمره وقد بدا انه على حافة الفتك بها بغضبه الغير مبرر من وجهة نظرها غير مبالي بالتقليل منها أمام النساء 
بحرج شديد خرج صوت نادية وعينيها نحو طفلها الذي ما زال محمولا على ساعده 
مكانش له لزوم لكل اللي حصل هو كان لعب عيال صح زي ما جالت تعالى يا حبيبي 
وجهت الأخيرة نحو صغيرها الذي ابعده هو على الفور من أمامها يرد بلهجة حازمة 
الواد هيجعد معايا شوية عايز اصالحه سبيه 
قالها وتحرك ذاهبا
به من امامها وامام شقيقته التي هونت عليها بابتسامة مطمئنة
يا ساتر يا رب دا أكيد نكد بعد الضحك الكتير بسببك يا أم أيمن امسكي لسانك ده شوية يا مرة 
تفوهت بها إحدى النساء لتعيدهم للأجواء السابقة وكالعادة لم تسلم من رد وقح من ام أيمن جعل الضحكات تصدح من جديد حتى استجابت على غير ارادتها للضحك مرة أخرى معهم 
بداخل مطبخها وقد استمعت لصوت بناتها المهلل بعودة اباهم من الخارج جففت يدها من جلي الأطباق حتى تخرج إليه مسرعة كي تسأله عما حدث في زيارته لإبيه
عملت إيه يا فايز
هتفت بها بلهفة فور أن خرجت الى صالة المنزل ولكنها لم تجد أمامها سوى بناتها الاتي كنا جالستين امام التلفاز
أبوكم فين يا بت انا سمعاكم بتكلموه 
ابويا دخل على طول ومعبرناش ياما 
أجابت بها اصغر أبناءها رغد لتضيف على قولها شقيقتها الأكبر إسراء
أيوة ياما دا حتى راح على اؤضته على طول 
راح على اؤضته على طول 
غمغمت تردد بها وهي ترتد بأقدامها لتغير اتجاهاها نحو الغرفة
فايز انت جاعد كدة بتعمل ايه 
توقفت الكلمات على فمها بعدما انتبهت على هذا الوجوم الذي يعتلي قسماته ونظرة غريبة رمقها بها قبل ان يعود لشروده نحو
نقطة ما في الفراغ 
ابتعلت بتوتر لتجلس جواره على طرف التخت تمسح بكفها على كتف ذراعه تخاطبه بنعومة
إيه مالك يا راجل وشك مجلوب ولا كانك جاي من عزا 
احتدت نظرة خاطفة منه لها زادت من توجسها لتعيد المحاولة بتردد
خبر ايه يا فايز بهزر معاك مالك كدة مبوم ليه
اجلى حلقه ينظفه مما علق به قبل ان يخرج صوته اليها
اطلعي من الاوضة دلوك يا شربات عشان انا عايز انام 
دمدمت بدهشة وعدم استيعاب 
وه تنام كيف يا راجل دي الساعة مجادش احداشر الضهر حتى نوم ايه ده
حداشر ولا سبع تاشر بجولك عايز انام مصدع جومي ياللا مش ناجص ۏجع مخ 
بصيحته الأخيرة انتفضت ناهضة على الفور تردد بمهادنة لتجنب غضبه
خلاص يا خوي براحتك انا بس كنت مستعجبة
تابعت وهي تتحرك للخروج
هروح اخلص اللي في يدي وهنبه ع البنتة يوطوا التلفزون عشان انت تنام وتريح جتتك زين ما انت أكيد تعبان 
ظل على صمته حتى خرجت ويدها فوق مقبض لترمق ظهره المنحنى بنظرة فاحصة تخاطب نفسها بالتريث حتى تعرف منه كل شيء في وقت آخر وليس اليوم فهيئته لا تسمح بالنقاش أو الإلحاح 
رفعت رأسها لتعتدل مستقيمة بعد ان انهت غسل يديها من صنبور المياه الموجود في الجزء الفاصل بين الحظائر والفناء ألخلفي والذي يبدوا كغرفة ضخمة مخصصة لتخزين الأدوات الزراعية وأشياء أخرى
تفاجأت بها واقفة متكتفة الذراعين أمامها بتحفز تتفوه بحديث يبدوا عادي ولكن اشتعال النظرات ولغة الجسد لا تخفى على الرائي 
يعجبك اللي حصل دا يا نادية ان كان يعجبك انا مش هتكلم 
تسائلت قاطبة باستفسار لهذه المراوغة المتعمدة منها
يعجبني ايه انا مطلبتش من جوزك انه يدخل اساسا يعني الكلام ده تتحاسبوا انتوا الاتنين مع بعض عليه 
انتي مطلتبيش بس هو عمل كدة لما شاف اللمة وعمايل روح مع البت الصغيرة لما استعندتها ما هو لو كنتوا فوتوا انتوا الاتنين من الأول والامر عدى على خير مكنتش انا هخش عشان الم الدنيا ويجي هو يفهمنا غلط ويهزجني جدامكم وجدام الحريم الشغالة عندي 
وجفي عندك يا فتنة 
صاحت بها كرد طبيعي على الھجوم المباغت الذي تلقاه لتزفز قليلا تلتقط انفاسها قبل ان ترد بتفنيد لها
أولا ولتاني مرة انا بجولك احنا مطلبناش من جوزك يتدخل وحكاية اللمة ولا اللي عملته روح انا مليش دخل بيه ثم كمان لو ع الحريم اللي بتتكلمي عليها دول ما هماش شغالين في بيتك عشان يتجال انهم شغالين عندك 
انتي هتطلعيني من الموضوع الأساسي وتدخليني في كلام فاضي ما تفهمي انا غرضي ايه
هذه المرة كانت النبرة عدائية منها بامتياز ولولا تدخل روح التي أتت اخيرا لا تعلم كيف كانت سترد على وقاحتها
في ايه يا فتنة انتي جاية هنا كمان تزعجي
سمعت منها الأخيرة لټضرب كفا بالاخر متمتمة لها باستنكار وحنق
لا إله إلا الله هو انتي حد كان وكلك عنها محامي يا ست روح ولا يمكن شيفاني بتعرك معاها مثلا عشان تاجي وتحشري مناخيرك وسطينا 
اعتلى الذهول ملامحها لتردف لها بعدم استيعاب
يعني كل اللي انتي بتعمليه دا يا فتنة والصوت العالي في شرعك يبجى كلام عادي
صدرت شهقة بصوت عالي من فتنة في استعداد للشجار الفعلي لحقت عليه نادية سريعا رغم صډمتها لتقبض بكفها على مرفق الأخرى متمتمة بحزم لتنهي الامر
خلاص يا جماعة الله يخليكم فوضوها ياللا يا روح خليني اعدي 
قالت الأخيرة حينما وجدت منهن الصمت ولكنها وقبل ان تتحرك خطوتين اوقفتها فتنة بقولها
الا جوليلي صح يا نادية هو جوزي المرة اللي فاتت لما جاب الجيلاتي للبنات
دخل المحل لوحده يجيب الطلبات المخصوصة دي ولا يكون سابكم في العربية لوحديكم حجة دي تبجى جلة زوج منه 
بهتت وكأن دلوا من الماء البارد تدلى فوقها وأغرقها بالكامل نظرة الاتهام وسوء النية كان واضحا كضوء الشمس في نبرتها وقبل ان تبحث لها عن رد يحفظ ماء وجهها تدخلت روح لتنقذها
تصدجي يا فتنة جوزك عنده حج في كل اللي بيعمله معاكي انتي فعلا تستهلي أي فعل منه ملكيش غير الشدة يا بت عمي اتحركي يا نادية خلينا نمشي مش ناجصين مرض ولا ۏجع جلب 
مرض في عينك جليلة الحيا 
غمغمت بها فتنة في مطالعة لأثرهما بعد أن اختفيا من أمامها تتابع بسخط
محد واجع جلبي ولا مطفشني في عيشتي غيرك 
لا تعلم كيف وصلت إلى هنا داخل الاستراحة التي أصبحت مقرها ومخبأها عن العالم عقلها يدور كالرحي بتفكير متواصل بعد ما حدث من الأخرى لقد صعقتها في شك رأته جليا في عينيها حتى لو ادعت بلسانها غير ذلك 
كيف دار بها الزمان لتصبح في موضع كهذا وهي التي تغلق بابها عليها منذ صغرها تتجنب جلسات النساء وهمزاتهم ولمزاتهم المعروفة 
تتجنب الاصطدام مع واحدة مثل فتنة او غيرها وكيف لها أن تلومها كيف لها ان تتقبل هذا الوضع
بعدما كانت سيدة النساء في منزلها الدافئ اجمل الأزواج واروعهم 
تحركت قدميها نحو الشرفة التي تتوسط الحائط في الصالة الكبيرة لتتطلع نحو الخضرة الممتدة على طول البصر في هذا المكان الذي يبدوا كمملكة محصنة وعالم يدور بداخلها مختلف عن العالم الخارجي 
أبصرت من جهة قريبة الى حد ما صغيرها الذي كان يضحك ملئ شدقيه ووجهه مشرق بفرح غامر وقد اعتلى الحصان بصحبة هذا الرجل الذي يجفلها بحنانه الغريب نحوه يتريض به وسط الخضرة برعاية شديدة ينتابها استغراب غريزي لهذه الاهتمام المبالغ فيه له تتعجب لهذه الاندماج السريع بينهما حتى أنه من يرى الصورة من بعيد الان يخمن من رأسه وكأنه اب و 
تنهدت تطرد زفراتها پألم فاق التحمل ماذا يخبء لها الزمان متى تستعيد استقرارها القديم وراحتها في اجتناب البشر والاحقاد منهم 
كانت شاردة في ايامها السعيدة في الماضي فلم تنتبه على نظراته المصوبة نحوها سوى بعد فترة من الوقت 
لماذا تتوه في مغزاها وكأنها تحمل شيئا ما لا تعمله
التقط نظرتها اليه كجرعة ماء صافي رطبت على قلبه العطش لكل لفتة منها تقف أمامه كالبدر تراقبه من خلف الستار الابيض للنافذة كيف لامرأة واحدة أن تستحوز على كل هذه المميزات لها وحدها رقيقة كالنسمة جميلة حد الفتنة ولها ضحكة اكتشفها فقط اليوم على الرغم من أنه لم يسمعها ولكنها تأسر القلوب بسحرها يشكر من قلبه ام أيمن ان أجبرتها على الضحك بخفة ظلها وجرأتها في المشاكسة والحديث لقد عشق هذه المرأة ويفكر جديا بمكفأة لابنها تقديرا للسعادة التي وضعتها بقلبه لمدة من الوقت حفظ بها الملاح المليحة وهي تظهر الوجه الحقيقي الخالي من الحزن والضياع
يبدوا أنها انتبهت له اخيرا لتتراجع للداخل تحجب نفسها
داخل مخبأها في الاستراحة 
تنهد بوله ليطبع قلبة ذات صوت عالي على وجنة الصغير والذي لم يكف ع الضحكات على أقل حركة يفعلها الحصان برأسه أو بجسده ليجلجل بصوته الطفولي يدغدغ قلبه من الداخل حتى عاد ليقبله مرة
تم نسخ الرابط