انا والطبيب
المحتويات
وهتعيش حياة سعيدة وهخرجك من الظلام ده بإذن الرحمن..
وعلشان أبدأ رحلة العلاج صح لازم أعرف أنت مين وحياتك كانت إزاي وأيه وصلك للمرحلة دي!
هوصلك وهفك لغزك يا .....
وصمت قليلا ليهمس بإصرار
يا ... قدر.
وخرج من الغرفة كالإعصار تاركها وسط ظلماتها..
أبعد عويناته ينظر لهذه الطبيب المنتقل حديثا للمشفى باهتمام ظل يطالعه قليلا فزفر قيس بملل وقال
أيه يا زكي هتفضل تبصلي كتير كدا وكأنك أول مرة تشوفني ولا تعرفني..
لازم تساعدني بأي معلومة تعرفها عن قدر..
في حاجة غريبة أنا مش فاهمها.!
علق زكي المسؤول عن الأرشيف بسؤال متعجب
طالعه قيس وهو يكاد أن يجن من بروده ليتدارك زكي قائلا
قصدك المړيضة إللي في الأوضة رقم ٢٠..
ردد قيس بسخرية
وهي ملهاش اسم يعني!! .. ملفها مكتوب إن اسمها قدر حتى الاسم الثلاثي مش موجود .. قدر كدا وخلاص .. ومفيش أي معلومات عنها أبدأ من عندها العلاج..
نطق زكي وهو شاب في بداية الأربعين من عمره بهدوء
بصراحة متعودين نقول المړيضة رقم ٢٠ .. ممنوع نطق اسمها..
جحظت أعين قيس باستنكار ليكمل زكي بنصح
بص يا قيس أنت لسه جديد هنا ومتعرفش حاجة .. فخد مني النصيحتين دول لله وعلشان أنا بحبك..
متحاولش تتدور ورا المړيضة رقم ٢٠..
الأوامر إللي تخصها بناخدها من المسؤولين الكبار وصاحب المستشفى..
وأنت كمان لازم تنفذ الأوامر علشان مش ټتأذي ومتفكرش كتير يا دكتور قيس..
وتركه وذهب .. تركه في دوامة تبتلعه للمرة الأولى يجابهه شيء كهذا..
منذ تخرجه وهو يعمل بكافة المراكز والمشافي المختلفة غير السبع سنوات الاحترافية بخارج البلاد بأعرق المشافي الأجنبية حتى أصبح اسمه يلمع في الأفق ... الطبيب قيس البنا..
والآن يقف عاجزا خاوي اليدين أمام ... قدر..
رؤيتها لمرة واحدة نجحت في استحواذ فكره وشحذ إهتمامه..
قدر وما الذي حدث لها ومن خلف هذا كله!!!
خرج يسير بالممر بشرود وعقله يعمل بجميع الجهات حتى توقف أمام الغرفة النائية التي تحمل الرقم ٢٠.
ودون تردد دلف للداخل لعله يصل لشيء لكن فور أن وقعت أعينه فوق الفراش حتى توسعت أعينه پصدمة....
وهمس دون إدراك
قدر..!!
يتبع..
هي فين .. قدر فين!
نطق بها وهو يقف على أعتاب الغرفة بأعين مرقوش بها التعجب رفع أعينه يمشط بهم أركان الغرفة لكن لا وجود لها..
حرك أقدامه بالممر يبحث عنها پخوف ليسارع نحو أحد الممرضات المقبلة عليه يتسائل بتلهف
لو سمحتي .. هي فين قدر وليه مش موجوده في غرفتها..
قدر!! قصدك مين يا دكتور!
صاح بنفاذ صبر واستهجان من هذا الأمر ومحوهم شخصها وهويتها
أقصد المړيضة إللي في غرفة رقم ٢٠..
أجابته بتدارك متعجبة من عدم معرفته شيء هام مثل هذا بينما تشير لأحد الممرات البعيدة الجانبية
في أوضة الكهربا .. دا ميعاد جلسات الكهربا بتاعتها..
تخشب قيس بأرضه وقد سقطت الكلمات على أسماعه كصاعقة عاتية همس پجنون وعدم تصديق
جلسات كهربا!!
ولم يسمح لنفسه أن يستغرق في الصدمة أكثر من ذلك وأطلق لقدميه العنان يركض بالممرات الملتوية حتى اقتحم أحد الغرف بعنفوان ليقف العالم من حوله ويسكن كل شيء حين وقعت أعينه على مشهد لن ينساه مادامت الروح تنبض بجسده..
وانتفاخ أوردتها نتيجة المقاومة ... تنتفض بين أيديهم كالذبيح وأعينها مسلطة على سقف الغرفة بثبات..
انحرفت أعينها الوامضة بغرابة نحوه ترمقة برمقة أكثر غرابة منها .. رمقة كانت بمثابة لغز لقيس وعليه إيجاد حل له بأسرع وقت..
صاح يزمجر وهو يضرب الجهاز پعنف
أيه إللي بيحصل هنا .. إزاي تعملوا حاجة زي دي .. ليه عدم الرحمة دي ومصرين ټعذبوها هي جايه هنا علشان تساعدوها ولا تدمروها...
إللي عملتوه ده ممنوع وهتروحوا في ستين داهية..
امتلئت الغرفة بالممرضات والكثير من الأطباء الذين أتوا على صياح قيس الجهوري الذي انتشر بأرجاء المكان..
نظر الطبيب المسؤول بتحذير إلى قيس وأردف بحزم
ودي طريقة علاج يا دكتور قيس وزي ما قولنالك هي منتهية ومفيش أي فايدة معاها حتى الكهربا..
فالأفضل تسيبنا نشوف شغلنا ومتدخلش فيه تاني علشان العواقب وحشة جدا فوق ما تتخيل..
ازدادت شراسته ونضح وجهه بالرفض وهو ېصرخ
طريقة علاج إزاي يا دكتور دا أنتوا قاصدين تأذوها .. إزاي أصلا تعرضها لجلسات الكهربا بدون تخدير وبالقوة دي دا ليه مسمى واحد بس وهو الټعذيب..
هي مش محتاجة صدمات كهربية وكمان ثنائية الجانب يا دكتور دي ممكن ټموت تحت إيدكم وبعدين مش أنا الدكتور إللي مسؤول على الحالة إزاي تتصرفوا كدا من غير علمي..
تبادلوا مع بعضهم البعض النظرات القلقة أمام نظرات قيس الناقمة التي يتطاير منها الشرر والقوة..
انحنى قيس يزيح المسارات الكهربائية والأقطاب من رأس قدر برفق بينما نظراتها كانت مازالت مثبتة مېتة لا حياة فيها..
ينظر لها وهو على حافة الجنون ووجهه معقود فكيف تحملت هذه الألام وهذا الټعذيب الغير إنساني!
لماذا لا تتوجع .. لماذا لا تصرخ .. لماذا لا يتجلى الألم على ملامح وجهها وبداخل عينيها!!
كيف لها ألا تبكي!
أشار للمرضات ليعاونوها على الوقوف ومساندتها
متابعة القراءة