وتين الجزء الثاني _نبضات تائهه _ ياسمين الهجرسي
المحتويات
الاب الذى تكالبت عليه الأحزان والأوجاع من حيث لا يحتسب .. كان يري الدنيا مظلمة من حوله
اقترب منه الطبيب قائلا
حضرتك كويس يا معالي المستشار تعالا اقعد ..
نظر له احمد بمقلتين تفيض الم لتغيم حدقتيه ليطغى احمرار جفونه على بياض عينيه واردف بنبره يستمد منها الصبر قائلا
انا عاوز انقل ابني من هنا يا دكتور في اسرع وقت ..
مفيش مشكله يا فندم بس قدام حضرتك ال 24 ساعه الجايين مش هنقدر ننقله قبل كده.. انا جت لى تعليمات ان الدكتوره شغف جايه تباشر الحاله بنفسها .. وأنا همدها بكل المعلومات اللى هتحتاجها وان شاء الله ربنا هيطمنك عليه..
هتف أحمد بإيمان وثقه فى الله واردف قائلا
ان شاء الله يعدوا على خير .. املي كبير في ربنا .. بس ياريت تجهز كل حاجه علشان هنقله فى اسرع وقت ..
لله الأمر من قبل ومن بعد
والټفت ليرى حالتهم التى لا يرثى لها ..
اسدل جفونه يحاول امتصاص دمعوعه
التى تجاهد ان تسيل لتخرج من محجرهما ..
انتبه لصوت قاسم يناديه واقترب منه بخطوات واثقه وبجواره شغف المتلهفه علي صديقتها
بنبره يغلفها العمليه والمهنيه هتفت شغف للدكتور المعالج الذى لم ينصرف بعد قائله
واكملت شغف بصوت يغلفه الثقة لما لها من باع وسيط فهى من اكبر جراحى القلب والأوعيه الدمويه ..
انا عاوزه ادخل اطمن علي الحاله بنفسي ...
هتف الطبيب بعملية واحترام أهلا
يا دكتوره شغف حضرتك اشهر من الڼار عالعلم .. شرف ليا انى اكون مساعد حضرتك وانتى بتباشرى الحاله .. مدير المستشفى مبلغني إن أول ما حضرتك توصلي أسلمك الحالة تشرفي عليها بنفسك.
متشكره لحضرتك يا دكتور ثواني وانا هدخل مع حضرتك
تنحى راكان جانبا ليفسح المجال ل شغف وذهب ل وتين قلبه النازف ..
بينما جلست شغف علي قدميها في الأرض وچثت أمام ابرار هاتفه
حبيبتي انا عارفه ان اللي انت فيه صعب .. وان اي كلام مش هيخفف عنك اللي انت حساه ..
بس صدقيني ربنا هيكرمك فيه ويحفظه لك .. وانا هدخل اطمن عليه بنفسي .. وهطلع اطمنك ..
طمنيني على ابني يا شغف .
لم تتمالك شغف حالها وانهمرت دموعها هاتفه
حاضر هدخل اشوفه .. ولو لقيت حالته مستقره هاخدك تشوفيه .. بس اجمدي عشان خاطر اولادك .. بصي حواليك شوفيهم غلابه ازاي.
أنهت كلامها ورتبت على كتفها برفق وحنان .. واستأذنت منها لتغادر تتابع حالة يعقوب ..
كل دمعه يقابلها نقطة ډم .. عيون تفيض دمع وقلب ېنزف ډم..
بين ډم و دمع حرف يقوى و يدمى فى نفس الحال .. عين ..
عين وليدها .. عين يتلألئ وميضها عندما تطالع فلذة كبدها ..
ويونس الذي يجلس في الأرض هو وزياد .. وملامح الۏجع تشكل لوحه من غابات الأسى تبتلعهم بين
أغصانها العاتيه . ..
بينما صفا تقف بجوار يونس و ورده تقف بجوار زياد احتلهم الصمت .. لا يقل حالهم عن ابنائها..
كل هذا يحدث تحت أنظار كريمه التي تقف صامته بعيده عنهم ..
تشعر بأن الأرض توقفت عن الدوران لما حدث ل يعقوب .. بسبب ابنتها
جلست مكانها وهي تبكي وتنتحب .. داخلها ينتفض هلعا من ما آلت اليه الاوضاع ..
بينما صبا بغرفتها لا تدري بشئ مما يحدث .. هتفت كريمه بداخلها .. متذكره ابنتها عندما تعلم بحالته .. مؤكد ستلوم حالها اكثر .. الوضع تفاقم وخرج عن السيطره .. لتردف لنفسها قائله
الستر من عندك يارب .. جيبها جمايل لأجل حبيبك النبى .. بنتى مش هتستحمل الۏجع ده كله .. يارب الطف بينا يارب ..
في سرايا السيوفى
يتهادى بخطوات هزيله ثقيله .. تدل على سنوات العمر والكبر الذى خط أثره ورسم الشيب على رأسه ..
لتمضي الأيام ويمضي معها عمره ..
سنوات عمره .. باتت تشبه مراقبته للشمس ساعة الغروب لاتعرف أبدا متى أنتهى النهار وبدأ الليل .. متى بهت الضوء وبردت كل الأشياء..
يتكئ على عصاه بأيدي مرتعشه .. من كان يمشى فى الأرض عزة و فخرا .. يمشى اليوم منحنى الظهر والقامه..
تتوالى الأحداث على مسمع ومرأى منه .. مقيد اليدين .. يقلب كفيه على حصاد عمره الذى تحول الى سراب ..
ليهتف لنفسه وقد اختنقت نبضات قلبه قائلا
وااا حسرتاه.. إن كان العمر ينتهي وهذه هي الإنجازات والأعمال..
وااا حسرتاه على نهايات لاتليق بنا.
دلف الحاج محمد وبجواره أبنائه الى السرايا كان في استقبالهم رئيس الغفر ليهم بفتح البوابه قائلا
حمد لله على السلامه يابا الحج في ناس منتظره حضرتك جوه .
رد عليه بتساؤل مين الناس دى.
اجابه الغفير
شيخ الجامع ومأذون البلد .. بس ست الحجه قالت لى اول ما توصلوه ست فهيمه تدخل لها عشان تطمن عليها.
نظر له بتمعن وضيق ما بين حاجبيه وهو يدق عصاه التي يتعكز عليها قائلا
خير اللهم اجعله خير.
نظرت له فهيمه وهي تهز رأسها هاتفه
انا هدخل اشوف امي واطمن عليها وتركتهم ودلفت الى الداخل.
هتف جلال قائلا
اتفضل يا حاج اما نشوف الجماعه اللى منتظرينك عاوزين ايه.
رد عليه قائلا
يالا واللي فيه الخير يعمله ربنا تلاقيها مشكلة لحد من اهل البلد .
ساروا بجوار بعضهم ودلفوا الى غرفه الأستقبال .. القوا عليهم التحيه..
استقام امام المسجد والمأذون يرحبون بهم بالتحيه التي
تليق بكبير البلد ..
الق عليهم الحاج محمد التحيه قائلا
اهلا بيك يا سيدنا الشيخ وازي حضرتك ياشيخ حمدي تشربوا ايه .
رد عليه امام المسجد بمدح وهو يجلس قائلا
دايما عامر يا حاج محمد .. المهم انا جاي لحضرتك في كلمتين
صمت لبرهه يبتلع ريقه خوفا مما سيتفوه به ثم رفع نظره الى جلال قائلا
مأذون البلد جالي بعد ما اكتشف المصېبه اللي هو عملها وهو مش واخد باله هو وجلال ابنك .
نظر الحاج محمد له وهو يضيق ما بين حاجبيه قائلا بتوجس
مصېبه ايه كف الله الشړ اللى المأذون عملها هو وابنى جلال.
أجابه إمام المسجد بقلة حيله قائلا
الشاهد عالواقعه هو اللى يحكي لك بنفسه
نظر له المأذون والقلق يعتريه لما مقدم عليه ليردف قائلا
شوف يا حاج محمد كلنا بنغلط وعايشين في حياتنا عشان نتعلم .. انا غلطى كبير وانا معترف بيه .. ومكنتش هسامح نفسى لو لا قدر الله دخل بيها ..
ليتزعزع أوصال الحج محمد .. وتتجهم ملامحه .. لتتحول نظرته البشوشه الى أخرى قاتمه .. ومقلتيه التى حدقت فيه بشيطانيه .. ليتجسد امامهم المثال الحقيقى للڠضب الكاسح المدمر لما حوله ..
بينما صمت المأذون رهبتا وخوفا من حالة الحج محمد..
ليشاور له پغضب .. ضارب بعصاه الارض .. يلوح له بأصبعه فى حركه دائريه على متابعة كلامه ..
ليسترسل المأذون بقلق مردفا
انا لما جالي اللواء جلال ونسيبه علشان يرد الست فهيمهويتجوزها تاني ..
انا كتبت الكتاب وما شكتش فى حاجه ولا كنت مخون .. لان سياده اللواء هو اخوها ووكيلها بنفسه ..
ليبتلع ريقه بتوجس يسترسل قائلا
أنا
مخونتش وقولت انك اكيد عارف ودا بعلمك ..
لما عقدت عليهم وأخدت الدفتر لمحامى المكتب عشان يروح يسجله فى الشهر العقارى وهو بيسجل عقود الجواز ...
لقينا عقد جواز الست فهيمه باطل لانه تم عقد القرآن بموجب توكيل عام رسمي .. وده طبعا قانونا باطل لأن تم تعديل القانون بخصوص التوكيل العام . والزواج مدام صاحبة الشأن مش موجوده يبقى لازم توكيل بعقد قرآن .. وليس توكيل عام ..
وأنا لما عقدت لهم من جديد كنت متخيل ان هو توكيل بعقد القرآن .
يبقي كده العقد مش نافع وانا جيت ابلغ حضرتك ببطلان الزواج ..
شعر الحاج محمد بأن هيبته وعزته وكبريائة وسمعة عائلته تتسرب منه كما يتسرب الماء من تحت قدمية ..
نظر الى جلال بعصبيه وصوت يغلفه الڠضب قائلا
الكلام اللي بيقولوه ده صح .. انت ازاي تقع في غلطه زي دي .. وازى من أصله تتخطاني ومترجعليش.
رد عليه جلال باضطراب قائلا
يجوز انها تتجوز بموجب توكيل رسمي .. مين اللي قال ان ده ما ينفعش ..
ده غير حضرتك مكنتش موجود .
قبض على عصاه كمن يقبض على جمره من ڼار .. يود لو حطم رأسه اليابسه عديمة النفع .. رغم كبر سنه ولكنه بعقل طفل لا يعى ولا يفهم شئ من امور الحياه ..
رد عليه والده بحزم قائلا
كنت مسافر مش مېت .. والغلطة دى قسمت ضهرى نصين .. وضيعت اختك .. وحطيت شبتي في الأرض.
نظر جلال الي والده ونكس عيونه في الأرض .. منكسر مطاطا الرأس.
ردا على سؤال جلال هتف المأذون قائلا
تعديل القانون بشأن الموضوع ده قال ..
مدام في توكيل بعقد زواج يبطل اي توكيل ثاني يتم الزواج به .. يعني جواز اخت حضرتك من طليقها باطل .
احتد صوت الحاج محمد عالمأذون واشتدت نبرته غيظا قائلا
وانت كنت فين كل الفتره دي .. ليه مجيتش بلغتني من زمان .. انت لسه جاي تبلغني بعد ما ماټ والبلد كلها عرفت انه اتجوزها تاني .
رد عليه مأذون البلد موضحا قائلا
لما اكتشفنا الموضوع ده كنت حضرتك مش موجود في البلد .. وانا كنت مريض وعندي مشاكل كثير في القلب .. وأول ما خفيت واخذت عنوانك وكنت جاي لك القاهره لقيت حضرتك موجود في البلد..
فأنا جيت لك عشان أبلغك ان بنت حضرتك لسه مطلقه .. وليست زوجه ..
وقبل ان يكمل كلامه دلف عليهم رئيس الغفر قائلا
في ست اسمها عفاف بره بتقول انها عايزه حضرتك انت وست فهيمه وستنا الحجة.
رد عليه الحاج محمد بتعب وهو يشعر بنغزه في قلبه تكاد ان تزهق روحه قائلا
خليها تتفضل وبلغ الحجه فردوس وستك فهيمه عشان يجوا
أومأ الغفير بأحترام وترك له الغرفه وذهب ينفذ اوامره.
دلفت عفاف وألقت عليهم التحيه لتأتى من خلفها فهيمه التي تمسك كف يدي والدتها تستند عليها ..
وعندما عرفت هوية من تريد مقابلتها تحولت ملامحها الى ڠضب واشتعلت البراكين داخلها من جديد هاتفه
ايه اللي جايبك هنا يا عفاف وعايزه ايه.
ردت عليها عفاف امام الجميع بصوت عالي هاتفا
انا مش عايزه منك حاجه ولا عمري هعوز منك .. انا كل اللي انا عايزاه وجايه عشانه هي حاجه واحده بس.
حته الارض اللي جوزي كتبها لبنتك قبل ما ېموت .. انا ما عشتش معاه كل السنين دي عشان يحوش
القرش عالقرش و يشتري بيه بيت لولادي .. يجي في الاخر ويكتب حته الارض لبنتك واطلع
متابعة القراءة